ما أسهل أن تعيد تشغيل فيلم سينمائي ابتداءً من أي دقيقة، أن تستبق الأحداث وتصل إلى نهايته، أو تعيد مشاهدته بعد الانتهاء منه مرة ثانية وثالثة إلى ما لا نهاية، وما أبسط أن تنتقل من أول السطر حتى آخره، ومن الصفحة الأولى في الدفتر وصولاً إلى الصفحة الأخيرة، لكن من المستحيل أن تستعيد ولو جزءاً من الثانية انقضى من عمرك مهما فعلت، إلا داخل مخيلتك بعيداً في عالم الخيال والصور الوهمية.

ما فات لن يعود، واليوم الذي حزم حقائبه وغادر حياتك لن يرجع مهما ناديته متوسِّلاً. وهكذا تمضي الثواني والدقائق والساعات تباعاً، كل واحدة منها تحلّ محل الأخرى وتودعها وداعاً أبديّاً من غير رجعة.

من اللحظة التي انبثقت فيها إلى الوجود، كُتب على دفتر التاريخ أنك زائر لن يطيل البقاء، رحّالٌ يتنقل من محطة إلى محطة، وصولاً إلى الوجهة الأخيرة. ثم يرحل ليخلفه من جاء بعده ويعيدوا نفس تفاصيل الرحلة، وهكذا دواليك.

كل شيء على هذه الأرض، ابتداء من النبات وما دونه، وصولاً إلى الإنسان الذي يعتبر الكائن الأسمى على وجه البسيطة، لديه فرصة واحدة للعيش. حياة واحدة لن تتكرر، وجود واحد لا يمكن استحضاره ثانية في نفس هذا العالم الدنيوي.

ورغم معرفتنا لهذه الحقيقة، إلا أن معظمنا يقضون أعمارهم في عيش حياة تخالف ما يحلمون به، والقيام بأشياء يكرهونها، وتكرار الأخطاء ذاتها مراراً وتكراراً. إن لسطوة المشاغل اليومية، والركض خلف لقمة العيش، والسطحية التي استشرت في المجتمعات كل ذلك التأثير السلبي. نعم، إنها تسلبنا القدرة على إدراك غاية وجودنا بعمق، وتجعلنا ندور في حلقة مفرغة بعيداً عما نتوق إليه ونرنو لتحقيقه.

لكننا لو توقفنا قليلاً، كما يفعل البعض منا، لنتأمل حالنا، والمصير المحتوم، وتفاصيل رحلتنا القصيرة، لأدركنا أن الوقت حان لنفعل ما نريد، ونحيا بالصورة التي نريد، لا كما يطالبنا الآخرون والمجتمع من حولنا.

رغم أن أيامك محدودة على هذه الأرض، إلا أنها ذات قيمة عظيمة، فمن خلالها استطاع أناس كُثر أن يتركوا بصماتهم في صفحات التاريخ، واستطاع آخرون صناعة النجاح والوصول إلى القمة في مجالهم بعد أن بدأوا مشوارهم من تحت الصفر.

لذا، آن الأوان لتطرح على نفسك بضعة أسئلة: هل أعيش اليوم الحياة التي أتمناها؟ هل أنا سعيد حقّاً؟ هل أعمل فيما أحب وأقوم بما أريده أم أعمل فيما لا أحب وأقوم بما هو مفروض عليّ؟

وبعد أن تتشكل في ذهنك إجابة واضحة لكل سؤال، تبدأ في طرح أسئلة هدفها معرفة كيفية الخروج من الوضع الراهن والوصول إلى حيث تريد. ما العمل الذي أنا شغوف به؟ ما الهوايات والأشياء التي أحب القيام بها؟ كيف أجني مزيداً من المال وأستفيد من وقتي حتى أمتلك مزيداً من الخيارات في هذه الحياة وأعيش كما أحب؟

ربما عشت سنينَ طويلة وأنت غارق في الهم ومشاغل الدنيا، وقضيت عقوداً من حياتك تائهاً لا تدري ما تفعل، وعانيت الأمرّين وظيفيّاً وما تزال حتى اللحظة تعمل في وظيفة لا تطيقها. لكن ذلك ليس قدراً محتوماً.

حان الوقت، لكي يدرك كل إنسان فينا قيمة حياته، ويعلم أنه موجود حتى يكون سعيداً وناجحاً، ويسهم في بناء المجتمع ومساعدة الناس من حوله. فلا تدع حياتك تمر أمام ناظريك دون أن تحرك ساكناً، بل انهض الآن لتعيش الحياة التي لطالما حلمت بها. حطم أسوار الخوف، وتجاوز حاجز المستحيل، وتخلص من كل شيء يبعدك عن معنى الحياة الحقيقي وعن العيش بسلام ومحبة، وعن فعل ما تحب.

وتذكر دوماً، أنك ستعيش على هذه الأرض مرة واحدة فحسب، فافعل ما تريد، واجعل تلك الحياة التي مُنحت إيّاها تستحق العيش من أجلها.Instagram: hamadaltamimiii