انتقد بيان «مجموعة الدول الخمس المتوسطية» الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الشرعية في ليبيا والتي تخص ترسيم الحدود البحرية واصفا إياها بأنها تتضمن انتهاكا لحقوق دولة ثالثة وتتعارض مع قانون البحار.
اللافت في هذا البيان هو التوقيت الذي يتزامن مع الهزائم الكبيرة التي مُني بها رجل الحرب والجنرال المتقاعد خليفة حفتر خلال الأسابيع الأخيرة. وقد أسفرت هذه الهزائم عن خسارته كل مدن الشريط الساحلي الذي يمتد من العاصمة طرابلس إلى الحدود الجنوبية الشرقية لتونس ولم تبق له إلا بعض الجيوب في قاعدة الوطية المحاصرة أو مدينة طرهونة المحاصرة هي الأخرى. لم ينجح المشروع الانقلابي في ليبيا مند أطلقه الجنرال حفتر في 2014 رغم الدعم المالي الكبير الذي تلقاه من دول الخليج ومن أوروبا وروسيا ومصر والسودان وتشاد. بذلك يكون البيان في جوهره محاولة من الدول الداعمة له لتمكينه من هدنة يلتقط بها أنفاسه ويوقف نزيف الخسائر وهو الموقف الذي تسهر عليه الإمارات الدولة الراعية للمشروع الانقلابي في ليبيا رغم أنها ليست دولة متوسطية.
تضمن البيان إشارة إلى خرق تركيا للقانون الدولي، في حين أنّ الاتفاقية التي وقعتها أنقرة مع حكومة الوفاق كانت اتفاقية قانونية علنية بين ممثلين شرعيين أما الدعم الذي يحظى به المشروع الانقلابي في الغرب الليبي فإنه لا اتفاقية تنصّ عليه بين ما يسمى بالجيش العربي الليبي والقوى الدولية المساندة له.
من جهة أخرى، فإن الدعم العسكري الذي يتلقاه المعسكر الانقلابي لا يكاد يتوقف وآخره شحنات السلاح القادمة من سوريا عبر طيران أجنحة الشام أو تلك القادمة من روسيا أو الداخلة عبر الحدود الشرقية من مصر. أما المرتزقة وفرق المداخلة الإرهابية ومليشيات الجنجاويد السودانية، فإنها تكوّن العصب الأساسي لقوات الانقلاب، حيث تقاتل في ليبيا أكثر من ثماني دول منها فرنسا والإمارات والأردن ومصر والسودان وسوريا وروسيا وتشاد وغيرها من القوات وهو ما يجعل من الصراع هناك صراعا دوليا بامتياز.
لقد سكتت المنظمات الدولية عن جرائم حفتر وانتهاكاته الجسيمة طوال سنوات، لكنها استفاقت اليوم بعد أن تدخلت تركيا وأفشلت المشروع الانقلابي. وليس البيان الأخير إلا صورة أخرى لتآمر القوى الإقليمية والدولية على ثورة فبراير وسعيها إلى إنتاج دكتاتورية جديدة على أنقاض إرث القذافي.
بقلم: محمد هنيد