داليا الحديدي
إن شخصًأ لا يفكر يعيش بأوهام مستعارة..
وأعتقد أنه لم ييسر لابن آدم من خداع أيسر من خداع نفسه..
ولتجدن شخصا متوسط الحال، يرتاد الفنادق الفخمة، والمجمعات الغالية، يبتاع عصيرا أو حلوى رخيصة ثم يخدع ذاته وآخرين، بسيلفي ينشره يشي بأنه من سلالة الأثرياء.
وآهٍ لو تمكن بالزج بمفردات أجنبية أو نثر بعض عناوين الكتب الغربية بين جنبات حديثه. فالأمر لن يكلفه حتى عناء شراء بحث أجنبي يحصل به على شهادة دكتوراه مزورة، بل سيستطيع بكل أريحية أن يضيف حرف «الدال» لاسمه ليصبح رسميأ العلامة الدكتور «محتال باشا».
وبالمثل، يظلم مثل هذا الشخص أشقاءه، بالامتناع مثلًا، عن منح أخته ميراثها، ثم يجاهر بإرسال شاه الأضاحي لها
هذه المجاهرة بالهدية لا تهدف لدرء خسيسة حرمان رحمه من الميراث فحسب، لكنها معنية بإقناع نفسه أن شقيقته الرافضة للهدية، هي التي تصمم على قطيعته رُغم محاولاته المتوددة لها بالقرابين. وحين ينعي زوج «مستهتر» قرينته الذي أذاقها صنوف الهوان، ثم يرثيها على منصات التواصل بكلمات ما سمعت المسكينة شيئا منها في حياتها. فهو صدقًا لا يرثيها، لكنه «محتال منشورات»، يُرمم أشلاء صورته أمام ذاته ليستوي نفسيًا.
لذا، يتفنن في إدهاش محيطه، فيمنع دخول «القلقاس» البيت، ويتعامل معه كثمرة محرمة، لأن المرحومة كانت تعافه، ثم يُعلن أنه ما عاد يستطيع شراء البوظة، لاعتياده على تناولها مع المرحومة من «قويدر» أو «بكداش».
ثم ترى الكراهية طافحة بالأحقاد في صور مشاحنات بين أبناء عمومة.. ومع هذا، فكبير المحتالين منهم، تجده مُصِرًا للزج بواقعة رقصه في عرس ابن عمه كبرهان محبة. وكأن هز هيبته في العرس يعد تعويضًا عن وضع يده على ممتلكات قريبه
ثم يصف لك تفاصيل المحادثة الهاتفية، وكيف ارتعش صوته ارتعاش مرضى «باركنسون» مع أول «الو» سمعها من ابن دمه، ليدمغ عمق شوقه له رغم الخلافات
فمن بين «محتالي البشر» من هم على استعداد لـ
إرعاش أصواتهم خلال المحادثات الهاتفية
للبكاء على أطلالك كما لو أنها تمطر عشية السنة الجديدة بمدينة «ويلز».
للرقص في عرسك وهز هيبتهم بمقدار 9 ريختر
لتسمية مولودهم الأول على إسم من ظلموه.
لكنهم ليسوا على استعداد لإصلاح ما أفسدوه، بالتعويض عن الخسائر.
حتى انهم يتلاعبون بهويتهم الإيمانية، فيتمسكون بتمظهرات ويتهربون من أساسيات.
يبخسون المهور ويتهربون من حقوق المواريث بالبيع الصوري. يفرغون الجامعات من بعدها التعليمي والتربوي ويتمسكون بالقشور، ويزرعون الفتن
ما أشرس ضراوة هؤلاء المحتالين في شن الحرب ضد صغار الآثمين، فيما يغضون الطرف عن عتاة الظلمة، ولو اثمرت آثامهم غلالًا من الشناعات.
كاتبة مصرية