+ A
A -

يُحكى أن ملكاً جباراً من ملوكِ فارس قرَّبَ إليه طباخه طعاماً، فوقعتْ منه نقطة على ثيابه، فغضبَ الملكُ، وعلمَ الطباخُ أنه لا محالة مقتول!فأمسكَ الطباخُ بالإناء، وصبَّه كله على الملك!فقالَ له الملك: ما حملَكَ على ما فعلتَ وأنتَ تعرفُ أني سأقتلكَ بالنقطة، فكيف بهذا؟!فقالَ له الطباخ: استحييتُ أن تقولَ الناسُ إنَّ الملكَ قتلَ طباخه وخادمه لسنواتٍ لأجلِ نُقطة طعامٍ أصابتْ ثيابه، فأردتُ أن يعظُمَ خطئي، ليُعذر الملكُ في قتلي!فعفا عنه الملك، وأمرَ له بجائزة!الحِلمُ من شِيَمِ النُبلاء، وكانت العربُ في الجاهليةِ تعده من مكارمِ الأخلاق، فجاءَ الإسلامُ وجعله زينة أخلاق الرجال!على أنه يجب أن يُعلم أنه لا حِلم لمن لا قُدرة له، فالحِلمُ إنما يكونُ عن قوة، وعن مقدرةٍ على الانتقام، وإلا كان ذُلَّاً يُحاولُ أن يُجمِّلَ نفسه، وعجزاً يتسترُ بعباءةِ التسامح! سبَّ رجلٌ عبدَ اللهِ بن عباس، فلما فرغَ، التفتَ ابن عباسٍ إلى مولاه عِكرمة وقالَ له: يا عِكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها له! فنكَّسَ الرجلُ رأسه، واستحى ممَّا رأى من حِلم ابن عباس. وشتمَ رجلٌ الصحابي الجليل أبا ذر، فقالَ له: يا هذا، لا تُغرق في شتمنا، ودَعْ للصلحِ موضعاً، فإنا لا نُكافئ من عصى الله فينا بأكثرِ مما نُطيع الله فيه! وشتمَ رجلٌ الإمام الشّعبي، فقالَ له الشعبي: إن كنتَ صادقاً فغفرَ اللهُ لي، وإن كنت َكاذباً فغفر َاللهُ لكَ! وأسمعَ رجلٌ عُمرَ بن عبد العزيز كلاماً يكرهه.فقال له عُمر: لا عليكَ، إنما أردتَ أن يستفزني الشيطان بعزةِ السُّلطان، فأنالُ منكَ اليوم ما تناله مني غداً، انصرِفْ غفرَ اللهُ لكَ!

copy short url   نسخ
16/08/2022
135