احتضن المركز القطري للصحافة، حفل توقيع كتاب «عذابات غزة.. قصص قصيرة جدًا» للكاتب والإعلامي الدكتور أحمد عبدالملك، ويعد الحفل باكورة أنشطة وبرامج لجنة الصحافة الثقافية التي يترأسها السيد محمد سلعان المري..ويتضمن الكتاب 60 قصة منتقاة لقضايا كبيرة يعيشها سكان قطاع غزة منذ أكثر من عام إلا أنها طُرحت بكلمات قليلة تشبه إلى حد بعيد شعر الهايكو الياباني، وردت في 128 صفحة، اختزلت عذابات سكان قطاع غزة، وخذلان العالم الذي يدعي أنه حر، بينما هو شاهد على جرائم الكيان المحتل دون أن يحرك ساكنًا.

حضر حفل التوقيع، سعادة السيد خالد العبيدان، عضو مجلس الشورى، وسعادة السيد علي بختياري، المستشار الثقافي بسفارة الجهورية الإسلامية الإيرانية لدى دولة قطر، وعدد من الأدباء والمثقفين والجمهور والمهتمين.

وأكد السيد صادق محمد العماري، مدير عام المركز، أن تدشين كتاب «عذابات غزة.. قصص قصيرة جدًا»، يأتي في خضم الأحداث المتصاعدة في قطاع غزة، وما يتعرض له الشعبان الفلسطيني واللبناني من جرائم جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعبين، ودون ألا يعلم أحد أين ستمتد يد العدوان، لافتًا إلى أن هذه الأمسية تعد باكورة برامج وأنشطة لجنة الصحافة الثقافية، متطلعًا أن تواصل اللجنة برامجها بذات قوة الطرح، وبحث القضايا التي لها تأثير على الشأن المحلي.

وأوضح أن باب المركز القطري للصحافة مشرع للمبدعين، ودومًا سيقف إلى جانب المبادرات الملهمة التي تضيف للمركز، والمجتمع القطري.

من جانبه، ثمن السيد محمد سلعان المري جهود المركز القطري للصحافة في تسليط الضوء على الشأن الثقافي، واحتضان الأنشطة والبرامج التي من شأنها أن تثري الثقافة والمثقفين، لتكون قطر منارة للحركة الثقافية ليس على المستوى المحلي فحسب بل الإقليمي والعالمي أيضًا، معلنًا توفير كتاب «عذابات غزة.. قصص قصيرة جدًا» إلكترونيًا؛ لتشجيع الجيل الجديد على القراءة، بمبلغ 5 ريالات وما يعادلها من العملات، وسيتمكن القارئ من قراءة الكتاب لمدة أسبوع، إذ إن هذه المبادرة هي بهدف التشجيع على القراءة، وإيصال صوت غزة للعالم من خلال هذا الكتاب.

وبدوره، أعرب الدكتور أحمد عبدالملك عن امتنانه للمركز القطري للصحافة، وجهوده في دعم الفنون الأدبية على اختلافها، وفي منحه الفرصة لاستضافة حفل توقيع كتابه الـ50 الذي يعكس معاناة الشعب الفلسطيني، لا سيما خلال الحرب الدامية، وحرب الإبادة الجماعية التي ترتكب من العدو المحتل منذ أكثر من عام، لافتًا إلى أنه سعى لإنجاز هذا العمل بالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب التي يشهدها قطاع غزة في ظل سُبات مجلس الأمن، والدول العظمى التي تدعي انحيازها لحقوق الإنسان تشهد على المجازر المقترفة بحق سكان قطاع غزة مخلفة أكثر من 143 ألف شهيد وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود ومليون و900 ألف نازح؛ أي قرابة 85 % من سكان القطاع باتوا نازحين بالاستناد إلى الأونروا، كما أن الكثيرين يعانون من سوء التغذية والمجاعة التي قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وقال: إن الإقدام على خطوة اختزال القصص المأساوية التي تشهدها غزة وسكانها كانت بمثابة صرخة من مواطن عربي حر وسط كمّ من النفاق السياسي، لذا كان لا بد أن أضع بصمتي وأن أسجل بقلمي هذه الحقبة التاريخية للأجيال التي ستأتي من بعدنا، لذا اخترت أن أكتب بطريقة شعر الهايكو الياباني الذي يختزل بكلمات قليلة قضية كبيرة بأسلوب إبداعي جزل، ليس مشهورًا في المنطقة العربية والخليجية، ووجدت هذه الطريقة أكثر ملاءمة في ظل العصر الرقمي الذي بات يتفوق على الأنماط الأخرى من الكتابة في أحايين كثيرة.

وأشار الدكتور أحمد عبدالملك في حديثه إلى أنه بدأ كتابة هذه النصوص باختزال العشرات من المشاهد، ثم بدأ بالكتابة حتى تشكلت 120 قصة، انتقى منها 60 قصة وكل قصة أرفقت بصورة رسمت بالذكاء الاصطناعي للتأكيد على أهمية التقنية وضرورة الاستعانة بها في هذه المواقف؛ لتسهيل وتسريع إجراءات الطباعة والنشر، شاكرًا في هذا السياق دار نبراس والفريق القائم عليها التي سهلت عليه الكثير من المهام والتفاصيل الفنية.

وقبل حفل التوقيع كان هناك عدد من المداخلات المهمة، ومنها مداخلة سعادة السيد علي بختياري الذي أكد على أهمية كتابة التاريخ بأيدي أهله، وليس بيد الغرب الذي عادة ما يحرف التاريخ، وشدَّ على يد الدكتور أحمد عبدالملك في مواصلة تأريخ هذه الحقبة من الزمن؛ لتكون بمثابة مرجعية للأجيال القادمة، وثمّن جهود المركز القطري للصحافة الملموسة التي لها تأثير على المشهد الثقافي في دولة قطر.

الكلمة توازي الرصاصة

وأجاب الدكتور أحمد عبدالملك عن عدد من الأسئلة قبل حفل التوقيع، الموجهة من قبل السيد محمد المري مدير الجلسة، والحضور، مؤكدًا أن الأدب هو لسان الأمة، والكلمة توازي الرصاصة والبندقية، فالكلمة سلاح الأديب والمثقف لرفض الظلم، والوقوف مع القضايا الإنسانية العادلة، كما أن بالكلمة يستطيع كلٌ أن يدين ويستنكر هذا الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، أو على أي شعب يعاني الظلم.

وكشف الدكتور أحمد عبدالملك أن عددًا من موضوعات الكتاب ستعرض في معرض يقيمه الحي الثقافي كتارا الذي استجاب لاقتراحه في ترجمة بعض النصوص إلى لوحات وكل لوحة يرافقها النص باللغتين العربية والإنجليزية، متوقعًا تدشين المشروع في السابع من ديسمبر المقبل.

كما دعا الدكتور أحمد عبدالملك القائمين على المركز القطري للصحافة لتبني دورة تدريبية أو ورشة عمل للتدريب على أسلوب شعر الهايكو؛ للاستفادة من المواهب الشابة المبدعة التي تريد من يأخذ بيدها ويضعها على أول الطريق.

وفي سؤال حول أسباب استخدام الذكاء الاصطناعي في رسم اللوحات التي رافقت القصص القصيرة، أجاب محمد المري قائلًا: «إن من المهم الاستفادة من التقنية الحديثة، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي لا تقلل من قيمة الرسامين، إلا أنه كان من المهم اختزال الكثير من الوقت لإنجاز الكتاب، حيث الرسمة بواسطة الذكاء الاصطناعي كانت تستغرق 30 ثانية، فيما كانت الرسمة بيد الرسام ستستغرق أسبوعين، لذا أدعو الشباب من كلا الجنسين أن يكونوا دائمًا مواكبين التطور الرقمي؛ لأهميته في عالم بات يسير على إيقاع سريع».