يعوّل اللبنانيون كثيراً على زيارة الثنائي الأميركي هوكشتاين وماكغورك إلى إسرائيل، ولقائهما المنتظر مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، على أمل تحقيق تقدّم حاسم يسمح بعودة هوكشتاين إلى بيروت للقاء الرئيس نبيه بري، وبالتالي وقف آلة الحرب الإسرائيلية والبدء بإخراج لبنان من الجحيم الذي يعيش فيه.
وما رفع من منسوب التفاؤل لدى بعض اللبنانيين، تلك المواقف التي توحي بالمرونة والصادرة عن مسؤولين إسرائيليين وفي طليعتهم نتانياهو نفسه، إضافة إلى معلومات يجري تداولها في بعض العواصم العربية والأوروبية المهتمة بلبنان، والتي تتحدث عن ترتيبات تجري في الكواليس وتعمل على تحضير ورقة تفاهمات كاملة، ويجري تطبيقها على ثلاث مراحل زمنية، ويكون المدخل إليها هدنة طويلة تمتد إلى ثلاثة أشهر، وتشكّل المرحلة الزمنية المطلوبة لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة شرعية تتولّى استكمال التفاهمات حيال المرحلة المقبلة. وقد أبلغت عواصم عربية وأوروبية إلى المسؤولين اللبنانيين الكبار حول البرنامج الموضوع واحتمالات انتزاع موافقة نتانياهو عليه.
لكن هذا المنسوب التفاؤلي الذي يجري ضخّه قد لا يكون واقعياً حتى ولو عرّج هوكشتاين على بيروت بعد تل أبيب. ذلك أنّ الاعتقاد بأنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية يمكن أن يكتفي بانتصار رمزي عبر إيقاف آلة حربه عند النقطة الحالية، إنما لا يبدو واقعياً، وأنّ المرونة التي يبديها عبر مواقفه المعلنة فهي تشكّل نسخة مكرّرة عن الأسلوب الذي اتبعه طوال الأشهر الماضية خلال حربه على غزة. وبالتالي لو كان يهدف إلى هذا الانتصار الرمزي لكان فعل ذلك قبل الآن، وتحديداً بعد عملية تفجير «البيجر» أو إثر اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله أو حتى رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين. وطالما أنّه لم يتوقف هناك، فهذا يعني في وضوح أنّه يسعى لتحقيق تغيير جذري يؤدي لغرض صفقة كاملة مكتملة لمصلحته وفق ما يعتقد.
وفي الواقع يخطئ كثيراً كل من يبني حساباته على أساس أنّ القرارات التي يتخذها نتانياهو تتعلق فقط بالجانب السياسي المتعلق بمستقبله. فهو يبني خطواته على أساس أنّه بات أحد الرجال التاريخيين لإسرائيل، لا بل أنّه باني إسرائيل الثانية كما فعل بن غوريون مع إنشاء الكيان الإسرائيلي، ومع فارق أساسي بأنّ إسرائيل الثانية يجب أن تكون خالية من نقاط الضعف التي واكبت قيام إسرائيل في العام 1948. واستطراداً فإنّ نتانياهو يتعامل مع ما يحصل على أساس أنّها فرصة تاريخية لن تتكّرر، وهو ما يستوجب تحقيق العقيدة السياسية لليمين الإسرائيلي بإنشاء دولة إسرائيلية خالية من أي وجود فلسطيني (وهو ما يفسّر التضييق على شمال غزة) وتهيئة الأوضاع الميدانية في جنوب لبنان لضمّه يوماً ما، من خلال جعل حدود إسرائيل تصل إلى نهر الليطاني.جوني منير
كاتب لبنانيالجمهورية اللبنانية