لا خبر في تونس خلال الأيام القليلة الماضية إلا عن مشاريع خفية تُعِدّ لها أطراف معلومة داخل تونس وخارجها من أجل تمرير أو تفعيل مشروع انقلابي على المؤسسات المنتخبة وخاصة مجلس نواب الشعب. الأخبار والتسريبات قُوبلت بالاستهزاء والسخرية حينا لكنّ أطرافا أخرى أخذتها على محمل الجدّ مذكّرة بالمنوال الذي سقطت فيه الشرعية المصرية في 2013.
المؤشرات على الأرض كثيرةٌ منها ما هو رسمي ومنها ما هو دون ذلك ومنها كذلك الداخلي والخارجي. فحديث الرئاسة عن سحب التوكيلات من مجلس نواب الشعب خلال خطاب مدينة قبلي الشهير لم يكن مطمئنا رغم ما ورد من تعديل غامض بعد ذلك نددت فيه الرئاسة بالفوضى وعبرت عن تمسكها بالشرعية. كما أن التوتر الحاصل بين رئيس مجلس نواب الشعب من جهة ورئاسة الجمهورية من جهة أخرى لم يعد خافيا.
هذا التوتر الرسمي انعكس على أداء البرلمان الذي تحوّل إلى حلبة مواجهة مفتوحة بين نوّاب النظام القديم وبين القوى البرلمانية الممثلة للثورة. فرغم العدد الضئيل لنواب الثورة المضادة إلا أنهم اختاروا استراتيجية تعطيل الحياة البرلمانية وتحويل عمل المجلس إلى حلبة للصراع والتشاحن. الهدف الأساسي من ذلك إنما يكمن في ضرب شرعية المجلس لدى الرأي العام وعند الجمهور العريض تمهيدا للانقلاب عليه. كما نشطت مواقع مشبوهة وصفحات أنشئت للغرض في الدعوة إلى حلّ البرلمان وتنظيم احتجاجات واضرابات شعبية كما تكثفت حملة شيطنة الأحزاب الثورية مثل حركة النهضة في المنابر الإعلامية.
لم تأت هذه المبادرات من فراغ بل إن أغلب المراقبين لا يفصل بينها وبين الهزائم التي مُنيَ بها المشروع الانقلابي في الجارة ليبيا بعد سقوط قاعدة الوطية الجوية وسقوط مدن الساحل الغربي. إذْ يرى كثيرون أنّ المحور الداعم للانقلابات في الخليج يحاول تعويض هزائمه هناك بالانتقام من المنوال التونسي وإسقاط التجربة الديمقراطية.
ليست هذه المشاريع جديدة بل هي محاولات تتجدد كل سنة تقريبا سواء عبر فواعل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية بعد كل استحقاق انتخابي. هذه المرّة تعمل القوى الجديدة على الثأر من الهزيمة الانتخابية ومحاولة جرّ مؤسسة الرئاسة إلى مشروع الفوضى بعد أن بدأ حلم الدولة العميقة باستعادة السلطة بالطرق الديمقراطية يتبخر.
لن يكون بث الفوضى في تونس سهلا ولن تسمح به قوى دولية كثيرة تخشى من انفجار الدول المغاربية بعد الفوضى المتمدّدة في ليبيا.بقلم: محمد هنيد
المؤشرات على الأرض كثيرةٌ منها ما هو رسمي ومنها ما هو دون ذلك ومنها كذلك الداخلي والخارجي. فحديث الرئاسة عن سحب التوكيلات من مجلس نواب الشعب خلال خطاب مدينة قبلي الشهير لم يكن مطمئنا رغم ما ورد من تعديل غامض بعد ذلك نددت فيه الرئاسة بالفوضى وعبرت عن تمسكها بالشرعية. كما أن التوتر الحاصل بين رئيس مجلس نواب الشعب من جهة ورئاسة الجمهورية من جهة أخرى لم يعد خافيا.
هذا التوتر الرسمي انعكس على أداء البرلمان الذي تحوّل إلى حلبة مواجهة مفتوحة بين نوّاب النظام القديم وبين القوى البرلمانية الممثلة للثورة. فرغم العدد الضئيل لنواب الثورة المضادة إلا أنهم اختاروا استراتيجية تعطيل الحياة البرلمانية وتحويل عمل المجلس إلى حلبة للصراع والتشاحن. الهدف الأساسي من ذلك إنما يكمن في ضرب شرعية المجلس لدى الرأي العام وعند الجمهور العريض تمهيدا للانقلاب عليه. كما نشطت مواقع مشبوهة وصفحات أنشئت للغرض في الدعوة إلى حلّ البرلمان وتنظيم احتجاجات واضرابات شعبية كما تكثفت حملة شيطنة الأحزاب الثورية مثل حركة النهضة في المنابر الإعلامية.
لم تأت هذه المبادرات من فراغ بل إن أغلب المراقبين لا يفصل بينها وبين الهزائم التي مُنيَ بها المشروع الانقلابي في الجارة ليبيا بعد سقوط قاعدة الوطية الجوية وسقوط مدن الساحل الغربي. إذْ يرى كثيرون أنّ المحور الداعم للانقلابات في الخليج يحاول تعويض هزائمه هناك بالانتقام من المنوال التونسي وإسقاط التجربة الديمقراطية.
ليست هذه المشاريع جديدة بل هي محاولات تتجدد كل سنة تقريبا سواء عبر فواعل سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية بعد كل استحقاق انتخابي. هذه المرّة تعمل القوى الجديدة على الثأر من الهزيمة الانتخابية ومحاولة جرّ مؤسسة الرئاسة إلى مشروع الفوضى بعد أن بدأ حلم الدولة العميقة باستعادة السلطة بالطرق الديمقراطية يتبخر.
لن يكون بث الفوضى في تونس سهلا ولن تسمح به قوى دولية كثيرة تخشى من انفجار الدول المغاربية بعد الفوضى المتمدّدة في ليبيا.بقلم: محمد هنيد