ليست المشاهد القادمة من المدن الأميركية هذه الأيام صادمة ولا مفاجئة بل هي في العمق تطوّر طبيعي ونتيجة حتمية لطبيعة العلاقات الاجتماعية ولتطور المشهد العرقي في العالم الجديد منذ اكتشافه إلى اليوم. وليس العنف الذي تمارسه الشرطة الأميركية على السكان من ذوي البشرة السمراء إلا امتدادا طبيعيا لممارسات تجار الرقيق والعبيد في أميركا منذ تأسيسها.
صحيح أن حركة الحقوق المدنية التي عرفتها الولايات المتحدة خلال منتصف القرن الماضي قد ساهمت بشكل كبير في رفع الظلم عن جزء كبير من المجتمع الأميركي وخاصة السود منهم لكنها لم تنجح في القضاء على مظاهر التمييز العرقي.
بناء على ذلك فإن المظاهرات العنيفة التي تشهدها البلاد اليوم ليست إلا امتدادا لممارسات الدولة وخاصة منها قوات الشرطة ضد السود الأميركيين بشكل خاص.
لكن لماذا حدث هذا الأمر اليوم وبهذا الشكل الضخم ولم يحدث قبل ذلك في ظروف مشابهة؟ من الثابت أن ما يحصل اليوم هو نتيجة تراكمات كثيرة لكنّ تواتر هذه الأعمال العنصرية مؤخرا مع سخرية الرئيس الأميركي من بعض الأقليات ودعمه للعنصريين البيض قد أفاض الكأس وأدى إلى انفجار الوضع بهذا الشكل.
العنف الذي تمارسه الشرطة على السود الأميركيين هو ظاهرة لا تخطئها العين هناك وهو الأمر الذي أفرز عنفا مضادا أدى إلى أعمال النهب والتخريب والحرق وتعطيل الحياة الاقتصادية بالكامل. الدولة إذن هي السبب الأساسي للوضع الحادث اليوم لا المواطنون السود. لكن من جهة أخرى تبدو هذه المظاهرات فرصة تاريخية لتعديل المشهد الاجتماعي وتفعيل العدالة التي تكشف شرخا عميقا بين مكونات المجتمع قد تؤدي مستقبلا إلى انفجارات أخطر وأكثر عمقا. في المقابل لا تمثّل ردود أفعال الرئيس الأميركي الذي يعكس بحق الفصيل الأبيض في المجتمع الإنجيلي المحافظ واعية بهذا الخطر بل هو اليوم يشبه من يصبّ الزيت على النار كما صرّح بذلك أكثر من مسؤول محليّ.
إن خصوصية المجتمع الأميركي هو أنّ السود فيه لا يمثلون عنصرا بشريا خارجيا فهم ليسوا مهاجرين أو وافدين بل هم من المجموعات المؤسسة للولايات المتحدة التي قامت بعد إبادة ملايين الهنود الحمر. بناء على ذلك فإن لهم نفس الحقوق التي للأوروبيين البيض. الأزمة في أميركا أزمة عميقة جدّا وهي قادرة على تدمير الدولة من الداخل إذا لم تسارع السلطة المعنيّة بتغيير ثقافة كاملة تأسست على قيم مزيّفة وعلى نظرة عرجاء للإنسان والعالم.بقلم: محمد هنيد
صحيح أن حركة الحقوق المدنية التي عرفتها الولايات المتحدة خلال منتصف القرن الماضي قد ساهمت بشكل كبير في رفع الظلم عن جزء كبير من المجتمع الأميركي وخاصة السود منهم لكنها لم تنجح في القضاء على مظاهر التمييز العرقي.
بناء على ذلك فإن المظاهرات العنيفة التي تشهدها البلاد اليوم ليست إلا امتدادا لممارسات الدولة وخاصة منها قوات الشرطة ضد السود الأميركيين بشكل خاص.
لكن لماذا حدث هذا الأمر اليوم وبهذا الشكل الضخم ولم يحدث قبل ذلك في ظروف مشابهة؟ من الثابت أن ما يحصل اليوم هو نتيجة تراكمات كثيرة لكنّ تواتر هذه الأعمال العنصرية مؤخرا مع سخرية الرئيس الأميركي من بعض الأقليات ودعمه للعنصريين البيض قد أفاض الكأس وأدى إلى انفجار الوضع بهذا الشكل.
العنف الذي تمارسه الشرطة على السود الأميركيين هو ظاهرة لا تخطئها العين هناك وهو الأمر الذي أفرز عنفا مضادا أدى إلى أعمال النهب والتخريب والحرق وتعطيل الحياة الاقتصادية بالكامل. الدولة إذن هي السبب الأساسي للوضع الحادث اليوم لا المواطنون السود. لكن من جهة أخرى تبدو هذه المظاهرات فرصة تاريخية لتعديل المشهد الاجتماعي وتفعيل العدالة التي تكشف شرخا عميقا بين مكونات المجتمع قد تؤدي مستقبلا إلى انفجارات أخطر وأكثر عمقا. في المقابل لا تمثّل ردود أفعال الرئيس الأميركي الذي يعكس بحق الفصيل الأبيض في المجتمع الإنجيلي المحافظ واعية بهذا الخطر بل هو اليوم يشبه من يصبّ الزيت على النار كما صرّح بذلك أكثر من مسؤول محليّ.
إن خصوصية المجتمع الأميركي هو أنّ السود فيه لا يمثلون عنصرا بشريا خارجيا فهم ليسوا مهاجرين أو وافدين بل هم من المجموعات المؤسسة للولايات المتحدة التي قامت بعد إبادة ملايين الهنود الحمر. بناء على ذلك فإن لهم نفس الحقوق التي للأوروبيين البيض. الأزمة في أميركا أزمة عميقة جدّا وهي قادرة على تدمير الدولة من الداخل إذا لم تسارع السلطة المعنيّة بتغيير ثقافة كاملة تأسست على قيم مزيّفة وعلى نظرة عرجاء للإنسان والعالم.بقلم: محمد هنيد