+ A
A -
كانت ميتشغان المقر الحديث الذي يعود له مالكوم إكس، بروح مختلفة، كان مالكوم من أبرز شخصيات سوق الأعمال المحرمة، لكنه ظل يحمل في تاريخه ثنائية الجريء الشرس، المنفتح على أطياف الأمة الأميركية الإفريقية، كان نجماً يمثل ذلك التحدي الخفي العميق، أمام عنصرية وبطش واحتقار الرجل الأبيض.
وحيث كانت مساحة التحدي في المرقص، كان مالكوم يبعثها للمجتمع المحطم من إخوته من الأميركيين الأفارقة، كانت روح الاستعباد المدني، بعد إسقاط الرق والحرب الأهلية في الجنوب، تهيمن على حركة الحياة، من الشارع إلى الميدان، فكان النادل وسائق التاكسي والمغنية في مسارح الطرب، متحدين في روح الغضب الكامنة.
خرج مالكوم إلى المدينة التي عرفته، بصورة مختلفة لقد شعر أنه يُخلق من جديد، فمنذ سمع قصة الإسلام التي وصلته محرّفة، من إليجا محمد بدأ يهتز، وبعد مدة تهاوت عقيدة الإلحاد، وكلما قرأ في الفلسفة والتاريخ، شعر أن الإسلام يتوغل داخله، لكن الشاب العنيد، الغيور على كرامة الإفريقيين، أياً كان دينهم، ملحدين أو مؤمنين، لا يزال كامناً في روحه، فبَقيَت صداقاته ومشاعره، توحده مع المغنية ومع القس الأسمر.
كان الرفاق القدامى وهو يمر عليهم، لدعوتهم لجلسة الروح باسم نبي الأفارقة الأميركيين إليجا محمد يمازحونه، وقد لبس ثياب التطهر التي تُسبلها حركة أمة الإسلام على مناضليها.
هيه.. أيها الصغير الأحمر (لقب مالكوم لسحنة في بشرته وعينيه)، هل أنت جاد.. هل ستترك أكل الخنزير المقدد، ومصاحبة الشقراوات؟ لا يرد مالكوم ويتابع دعوتهم، إلى عظة الإيمان التي كما كان يقول، أنه لا يعلم مطلقاً قوةً فكرية في الأرض قادرة على إخراجه من دركات الفجور، والإجرام والتسفّل والرذيلة غير الإسلام، لم يكن مالكوم يصدّق بانه سيُخلق من جديد في السجن، غير أن لهذه الدعوة ركنا آخر وهي تحرر الإنسان الأميركي الأفريقي.
كان مالكوم يشعر بأن العزلة الشعورية الحاسمة، مع البيض الغربيين، هي الطريق لتعبيد حركة الحرية، وأن المساحات التي تشكلها تلك النخب، من الأميركيين الافارقة، التي قررت القوة العنصرية اختيارها، وإسكانها في مستويات أفضل من قومهم، تمارس دوراً تضليلياً، يتم عبرهم احتواء جرائم العنصريات الممنهجة، والانحيازات المتوحشة، فيؤتى بفرقة من تلك النخبة، لتربّت على أكتاف أهالي الضحايا وجثامينهم.
فجأة وجد مالكوم نفسه في مواجهة الشرطة، حيث اعتَقلَت من غير أي مبرر أحد شباب أمة الإسلام، وجرح ونزف دمه، وتواردت الأنباء بأن الرفيق الأميركي، قد يفقد حياته، بدأت الأعين تحتقن والأنفس تختنق، توحدت المشاعر بين مهربي مخدرات الشارع، وشباب أندية الليل، وبين أتباع أمة الإسلام والكنائس المستقلة.
اليوم يستقبلون جنازة ضحية جديدة، قربان يذبحه الأميركيون العنصريون، لأجل متعتهم في تعذيب (العبيد)، لكن المسرح شهد حدثاً مختلفاً، تقدم مالكوم واخترق الصفوف فتوجهت الأنظار إليه، وفجأة احتشد الشعب المسحوق، وتقاطر الشباب حول مركز الشرطة، وتقدم مالكوم إلى بوابتهم، شاخص النظر، كأنه نمر إفريقيا الجريح، لكنه نمر يعتمد أخلاق الرهبان.
فتحت الشرطة أبوابها، شعرت أن هناك حالة تواجهها لأول مرة، لقد تخلّى المضطهدون عن خوف المواجهة، وقرروا أن يقاوموا المعبد العنصري، فتجاوبوا مع مطلبه، وأُفرج عن الرفيق، واحتفل الشعب المروّع، لكن زوايا الاحتفاء ظلت تطارد مالكوم، هل فعلها الصغير الأحمر لأجل رفيقه في أمة الإسلام، أم لأجل كل المضطهدين من الأميركيين الأفارقة، كان هذا السؤال حاضراً في رحلة مالكوم إكس النضالية.
فقد عكس في حياته الدفاع عن حقوق كل الأميركيين الأفارقة، وحين انفصل عن أمة الإسلام، بعد أن آمن بأن القضية الإنسانية لكفاحنا، ليست اللون والعرق، ولكن البغي العنصري، فحافظ على كفاحه الموحد ثم فتح خطابه للتصحيح، ومد اليد لشركاء الحقوق البيض، لكنه كان يقول لمارتن لوثر كينج، يا رفيقي لا تغضب من بأسي، فلم نُسقط المعبد العنصري بعد، فدع صوتي منصة لك وواصل كفاحنا لأجل أطفالنا، ولأميركا أكثر عدالة، بعدها وصلت رسالة المعبد، فاغتيل مالكوم، وكسرت عنق جورج فلويد.بقلم: مهنا الحبيل
وحيث كانت مساحة التحدي في المرقص، كان مالكوم يبعثها للمجتمع المحطم من إخوته من الأميركيين الأفارقة، كانت روح الاستعباد المدني، بعد إسقاط الرق والحرب الأهلية في الجنوب، تهيمن على حركة الحياة، من الشارع إلى الميدان، فكان النادل وسائق التاكسي والمغنية في مسارح الطرب، متحدين في روح الغضب الكامنة.
خرج مالكوم إلى المدينة التي عرفته، بصورة مختلفة لقد شعر أنه يُخلق من جديد، فمنذ سمع قصة الإسلام التي وصلته محرّفة، من إليجا محمد بدأ يهتز، وبعد مدة تهاوت عقيدة الإلحاد، وكلما قرأ في الفلسفة والتاريخ، شعر أن الإسلام يتوغل داخله، لكن الشاب العنيد، الغيور على كرامة الإفريقيين، أياً كان دينهم، ملحدين أو مؤمنين، لا يزال كامناً في روحه، فبَقيَت صداقاته ومشاعره، توحده مع المغنية ومع القس الأسمر.
كان الرفاق القدامى وهو يمر عليهم، لدعوتهم لجلسة الروح باسم نبي الأفارقة الأميركيين إليجا محمد يمازحونه، وقد لبس ثياب التطهر التي تُسبلها حركة أمة الإسلام على مناضليها.
هيه.. أيها الصغير الأحمر (لقب مالكوم لسحنة في بشرته وعينيه)، هل أنت جاد.. هل ستترك أكل الخنزير المقدد، ومصاحبة الشقراوات؟ لا يرد مالكوم ويتابع دعوتهم، إلى عظة الإيمان التي كما كان يقول، أنه لا يعلم مطلقاً قوةً فكرية في الأرض قادرة على إخراجه من دركات الفجور، والإجرام والتسفّل والرذيلة غير الإسلام، لم يكن مالكوم يصدّق بانه سيُخلق من جديد في السجن، غير أن لهذه الدعوة ركنا آخر وهي تحرر الإنسان الأميركي الأفريقي.
كان مالكوم يشعر بأن العزلة الشعورية الحاسمة، مع البيض الغربيين، هي الطريق لتعبيد حركة الحرية، وأن المساحات التي تشكلها تلك النخب، من الأميركيين الافارقة، التي قررت القوة العنصرية اختيارها، وإسكانها في مستويات أفضل من قومهم، تمارس دوراً تضليلياً، يتم عبرهم احتواء جرائم العنصريات الممنهجة، والانحيازات المتوحشة، فيؤتى بفرقة من تلك النخبة، لتربّت على أكتاف أهالي الضحايا وجثامينهم.
فجأة وجد مالكوم نفسه في مواجهة الشرطة، حيث اعتَقلَت من غير أي مبرر أحد شباب أمة الإسلام، وجرح ونزف دمه، وتواردت الأنباء بأن الرفيق الأميركي، قد يفقد حياته، بدأت الأعين تحتقن والأنفس تختنق، توحدت المشاعر بين مهربي مخدرات الشارع، وشباب أندية الليل، وبين أتباع أمة الإسلام والكنائس المستقلة.
اليوم يستقبلون جنازة ضحية جديدة، قربان يذبحه الأميركيون العنصريون، لأجل متعتهم في تعذيب (العبيد)، لكن المسرح شهد حدثاً مختلفاً، تقدم مالكوم واخترق الصفوف فتوجهت الأنظار إليه، وفجأة احتشد الشعب المسحوق، وتقاطر الشباب حول مركز الشرطة، وتقدم مالكوم إلى بوابتهم، شاخص النظر، كأنه نمر إفريقيا الجريح، لكنه نمر يعتمد أخلاق الرهبان.
فتحت الشرطة أبوابها، شعرت أن هناك حالة تواجهها لأول مرة، لقد تخلّى المضطهدون عن خوف المواجهة، وقرروا أن يقاوموا المعبد العنصري، فتجاوبوا مع مطلبه، وأُفرج عن الرفيق، واحتفل الشعب المروّع، لكن زوايا الاحتفاء ظلت تطارد مالكوم، هل فعلها الصغير الأحمر لأجل رفيقه في أمة الإسلام، أم لأجل كل المضطهدين من الأميركيين الأفارقة، كان هذا السؤال حاضراً في رحلة مالكوم إكس النضالية.
فقد عكس في حياته الدفاع عن حقوق كل الأميركيين الأفارقة، وحين انفصل عن أمة الإسلام، بعد أن آمن بأن القضية الإنسانية لكفاحنا، ليست اللون والعرق، ولكن البغي العنصري، فحافظ على كفاحه الموحد ثم فتح خطابه للتصحيح، ومد اليد لشركاء الحقوق البيض، لكنه كان يقول لمارتن لوثر كينج، يا رفيقي لا تغضب من بأسي، فلم نُسقط المعبد العنصري بعد، فدع صوتي منصة لك وواصل كفاحنا لأجل أطفالنا، ولأميركا أكثر عدالة، بعدها وصلت رسالة المعبد، فاغتيل مالكوم، وكسرت عنق جورج فلويد.بقلم: مهنا الحبيل