+ A
A -
يعقوب العبيدلي
قال: أحد زملائه أرسل إليه رسالة يقول فيها «ما عجبتني» وكان متأففاً وقلقاً من الرسالة! فقلت له «إرضاء الناس غاية لا تدرك» لا تصنع من الحبة قبة، ولا من النملة فيلاً، ولا من الشيء الصغير جملاً، لا تبالغ في ردة فعلك وتتضايق، ودع الموقف يمر بسلام، وتذكر بيت الشاعر بشار بن برد حين قال، (إذا أنت في كل الأمور معاتباً، صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه) فعش واحداً أو صل أخاك، فإنه مقارف ذنب مرة ومجانبه، ذات يوم دخل شريك بن الأعور على الخليفة معاوية وكان دميماً، فقال له معاوية: إنك دميم، والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك وما لله من شريك، وإن لأباك لأعور، والصحيح خير من الأعور، فكيف سدت قومك ؟ فقال له ورد عليه غاضباً حانقاً: إنك لابن صخر، والسهل خير من الصخر، وإنك لابن حرب، والسلام خير من الحرب، وإنك لابن أمية، وما أمية إلا أمة صغرت، فكيف صرت أمير المؤمنين ! ثم خرج من عنده وهو يقول: أيشتمني معاوية بن حرب، وسيفي صارم ومعي لساني، يعير بالدمامة من سفاه، وربات الحجال – أي النساء - من الغواني، جاء في البخاري، أن رجلاً جاء للرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: أوصني قال «لا تغضب، فردد مراراً قال: لا تغضب» وجاء من حديث سفيان بن عبد الله الثقفي قلت: يا رسول الله قل لي قولاً أنتفع به وأَقلل: قال «لا تغضب ولك الجنة»
«لا تغضب» فيها خير الدنيا والآخرة، لأن الغضب يسبب التقاطع والنفور ويولد الضغائن والشتائم والتنقيص والتهوين والتشكيك بإخوانك وزملائك ويؤذي صحتك، ويعكر مزاجك ونفسيتك، ويولد حرباً طويلة الأجل، ولو رأيت نفسك وحالك في مثل هذه المواقف، لكرهت حالك، وضاق بالك، واستحييت من قبح صورتك، مثل هذه الأمور – الخلافات والاختلافات والتباين في المواقف والآراء ورشقات اللسان وفلتاته واردة في الحياة، بين الزملاء في العمل، وعند أفراد الأسرة، وفي الحياة الزوجية، ولكن المفروض لا تستدعي الخصام والصدام وكثير الكلام، لكن ممكن أن تقوم على التفاهم والتغاضي عن الهفوات والصغائر، كان من سجايا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لله، ونحن مدعوون للتأسي والاقتداء (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) سورة - الأحزاب 21 - وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
09/06/2020
1249