أتعاطف بقلبي وبصدق مع كل ممثلة لا مورد لها سوى مظهرها وهي على ثقة أن المنتجين يدققون في كل تجعيدة بوجهها، فيتفحصون هيئتها كما يتفحص موظفو تجديد الرخص السيارات المتهالكة.
ربما هذا ما يدعوا الممثلات لعمل «عمرة» لمظهرهم بالتجميل فيما يعرف بالـ:..Make Over
أبحث لهؤلاء عن أعذار، فنحن لا نعرف شيئا عن ظروفهم المادية أو أوضاعهم الصحية، لكني على يقين أنه لا يوجد إنسان يخضع لمشرط جراحي وتخدير وأوجاع والآم إلا لسبب قد نعرفه وكثيراً ما نجهله.
ولا أنسى أني في يوم من الأيام كتبت مقالا هاجمت فيه هرولة الجميع للجراحات التجميلية حتى تشابه الناس، فأرسل لي شاب رسالة على البريد الإلكتروني وأسرني بكونه أجرى عددا من الجراحات تجميلية في وجهه رغم أنه وسيم وملامحه أكثر من مقبولة، لكنه أعرب عن كراهيته لتلك الملامح وهذه الوسامة، لا اعتراضا على خلقة الله، لكن لأنه يشبه عمه الذي يكرهه.
يتساءل الشاب في رسالته: «هل تعتقدين أنه من السهل على أي إنسان أن يستيقظ كل صباح فينظر في المرآة ليرى صورة هذا الشخص أمامه؟ وهل سأستطيع أن أشرح لكل من يهاجمني في مجتمعي أن لدي من الظروف والدوافع ما لا يمكن التصريح بها علنا؟ وهل من المفروض أن يقدم كل إنسان كشف حساب تفصيلي لدوافعه وعملياته التي دفع ثمنها من حر ماله بل ومن صحته؟».
وقد عاتبني لأني استسهلت النقد واستصعبت عملية قبول اختلاف من يحتاج لإجراء تلك الجراحة التجميلية.
نحن لم ييسر لنا الإحاطة بكل ظروف الناس سيما الممثلين وسواهم ممن يعملون في قطاعات لها علاقة مباشرة مع الصورة، وقد يبدون لنا منعمين، مترفين، أثرياء، لكني أذكر أني سمعت الممثلة زيزي البدراوي على سبيل المثال في أواخر عمرها تقول: «لم يتركني ربي يوما وكنت كلما اشتد ضيق الدنيا علي وقلت مواردي المادية، أرسل لي بدور».
نحن نراهم نجومًا فنتوهم في ثرائهم، لكن في حقيقة الأمر قد يكونون حققوا ثروة يوما ما، لكن الأوضاع المادية لا تدوم وهم مثلنا بشر ويحتاجون للمال وللمنتجين الذين لو رأوا عليهم علامات الشيخوخة لما أسندوا لهم أدوارا فماتوا فقرًا.
التمس للجميع الأعذار ومتقبلة قيام أي ممثلة صغيرة كانت أو كبيرة بإجراء جراحة تجميلة سواء عجبتني نتائجها أم لم تعجبني، وأفهم هلع من يعملون في المجال الفني كونهم في مسابقة محمومة لا علم لنا عنها ولا عن ظروفهم الصحية أو العملية.
{ كاتبة مصرية