يربط د. وائل حلاق ضعف المادة القيمية في الحياة الأكاديمية، بروح التكسب الجشع المضر بحياة الإنسان، ودورات تطوره الخطيرة، في بنيوية الميكانيكية الرأسمالية، وتفريعاتها المتعددة، يبرز هنا واقع العالم تحت هذا العسف، الذي لا يُمكن إلا أن يكون إطار توحش مروّع، لا يهدد الإنسانية وحسب، بل إنها تقع تحت هيمنته الشاملة، ويستطرد حلاق هنا بنموذج صناعة الأدوية الأميركي، والذي يعرض لعقار قد ثبت بالقطع، أنه ليس مضرا بصحة المريض وحسب، وإنما قد يؤدي لقتله، والنموذج الذي وثّق رحلته حلاق، كان في عقار (PANALABA).
وهذا العقار ليس إلا نموذجاً واحداً، من مئات أو آلاف العقاقير، التي ثبت ضررها الجزئي أو الكلي، أو التي على أقل تقدير يثار شك في دقة فعاليتها العلاجية، ومضاعفاتها الخطيرة، وظل هذا الأمر محل تأكيد واسع، خاصةً بعد انفجار أسئلة وباء كورونا، والمخاوف من تسييس سوق الدواء في الطب الحديث، الذي يُحرج المبدأ الأخلاقي للطبيب، ولكنه يضع الطبيب والمعالج تحت الضغط.
وهذا بالطبع يُحال إلى الغالبية الواسعة، من ذوي الضمير الأخلاقي منهم، العظيمة في نبلها وكفاحها، نراها اليوم في الخطوط الأولية للدفاع عن البشرية، ولكن هذا السوق، يُدعم بدراسات أكاديمية يتولاها باحثو طب أو صيدلة، وتتولى نشرها مجلات أكاديمية محكّمة، تساهم في هذا التضليل.
فيما لا تتحصل الأدوية أو العقاقير الطبيعية المنافسة، لذلك الدعم، بسبب أن مصادر الدعم، تكاد تُحتكر لهذا السوق غير الأخلاقي، والذي لا يسعى بل لا يقبل أن يُنتَج دواء، قليل التكلفة، ينافس ذلك الدواء المُنهِك لقدرات المريض، ولمؤسسات التشافي في دول العالم الثالث، وهنا حين يكون هذا الدواء خالياً من مسببات المضاعفات الخطيرة، فضلاً عن ثبوت ضرره، كما هو الحال في عقار (بانلبا) المشار إليه.
وفي حالة هذا العقار، استطاعت هيئة الدواء الأميركية، أن تحصل على قرار منع تداول هذا الدواء، وإثبات ضرره، بعد جولات قضائية طويلة، لكن الشركة المنتجة، استمرت في بيعه خارج السوق الأميركي، وقس على ذلك مجالات عدة في الأسواق العالمية، في التكنولوجيا والأغذية والصناعات للحياة المدنية المتعددة، فضلاً عن السلاح.
وتتحدث تجربة د. سكوت ارمسترونج كما يعرضها حلاق، ضمن دراسة أجراها، وأنجز فيها استطلاعاً شاركت فيه شريحة من الطلاب للاختيار بين الموقف الأخلاقي من العقار، وبين موقف المصلحة لهم كمتدربين ضمن الأعمال الإدارية والتنفيذية، كأعضاء لمجلس الإدارة في الشركات المسؤولة، وعن الصدمة التي فاجأته، للقرارات التي اتخذها الطلبة عن القرار الذي سيسندونه، وهم في موقع المسؤولية، حيث لم يصوّت لصالح القرار الأخلاقي إلا قلة، وهو سحب العقار من الأسواق ذاتياً، مقابل مصالح الشركة المادية، التي صوّت لها غالبية الطلبة.
إن المفصل الدقيق الذي أسعى للوصول إليه، خاصة عبر نموذج الطلبة، هو توحش الشركات الرأسمالية، الذي يُهمين على الأكاديمية الحديثة، وهنا يبرز ارتباط أزمة الأكاديمية، بآثار الرؤية الكونية المنحرفة للحداثة المادية بهذا الفرع، وهو أن الطالب يبدي خلال دراسته بعض الممانعة أمام الغرض المادي غير الأخلاقي، وضرره على المجتمع، لكنه حين يتخرج ويوضع في موقع المسؤولية التنفيذية الإدارية، يعود لكي تترجح لديه وتحسم، لصالح تلك الكثافة في المواد المفترقة عن القيم الأخلاقية، والمهمشة لمصادر روح الأخلاق، والمعرفة الكونية.
ويشير وائل حلاق، إلى ظاهرة اضطراب ترصد عند بعض المسؤولين التنفيذيين في الشركات، جراء تورط هذه الشركات في دفع المجتمع والأفراد، إلى الخضوع لسوق قهري يعسف بحياتهم الشخصية والنفسية، ويزيد من مستوى الكآبة ومعدلات الانتحار، غير أن هذا المدير التنفيذي، يحاول في النهاية أن يتكيف مع البعد الآخر للإنسان الطبيعي الفطري، السعادة والابتسامة للضعفاء والتضامن الأسري، الود والرحمة مع الأولاد.
دون الإخلال بصورته الثانية حين يعود لمقعده في العمل، فينزع عن ذلك الفقير الذي ابتسم له في الشارع، ثوبه ومركبته ومنزله، قبل أن يغشه في دوائه، ويحيله للسلطات القضائية، ليحمي عبر الأداتية القانونية والأمنية كيان المصالح المركزي، الذي تحوّل رأسمالية تُدير الدولة لا أمة ترعى المجتمع والشعب.بقلم: مهنا الحبيل
وهذا العقار ليس إلا نموذجاً واحداً، من مئات أو آلاف العقاقير، التي ثبت ضررها الجزئي أو الكلي، أو التي على أقل تقدير يثار شك في دقة فعاليتها العلاجية، ومضاعفاتها الخطيرة، وظل هذا الأمر محل تأكيد واسع، خاصةً بعد انفجار أسئلة وباء كورونا، والمخاوف من تسييس سوق الدواء في الطب الحديث، الذي يُحرج المبدأ الأخلاقي للطبيب، ولكنه يضع الطبيب والمعالج تحت الضغط.
وهذا بالطبع يُحال إلى الغالبية الواسعة، من ذوي الضمير الأخلاقي منهم، العظيمة في نبلها وكفاحها، نراها اليوم في الخطوط الأولية للدفاع عن البشرية، ولكن هذا السوق، يُدعم بدراسات أكاديمية يتولاها باحثو طب أو صيدلة، وتتولى نشرها مجلات أكاديمية محكّمة، تساهم في هذا التضليل.
فيما لا تتحصل الأدوية أو العقاقير الطبيعية المنافسة، لذلك الدعم، بسبب أن مصادر الدعم، تكاد تُحتكر لهذا السوق غير الأخلاقي، والذي لا يسعى بل لا يقبل أن يُنتَج دواء، قليل التكلفة، ينافس ذلك الدواء المُنهِك لقدرات المريض، ولمؤسسات التشافي في دول العالم الثالث، وهنا حين يكون هذا الدواء خالياً من مسببات المضاعفات الخطيرة، فضلاً عن ثبوت ضرره، كما هو الحال في عقار (بانلبا) المشار إليه.
وفي حالة هذا العقار، استطاعت هيئة الدواء الأميركية، أن تحصل على قرار منع تداول هذا الدواء، وإثبات ضرره، بعد جولات قضائية طويلة، لكن الشركة المنتجة، استمرت في بيعه خارج السوق الأميركي، وقس على ذلك مجالات عدة في الأسواق العالمية، في التكنولوجيا والأغذية والصناعات للحياة المدنية المتعددة، فضلاً عن السلاح.
وتتحدث تجربة د. سكوت ارمسترونج كما يعرضها حلاق، ضمن دراسة أجراها، وأنجز فيها استطلاعاً شاركت فيه شريحة من الطلاب للاختيار بين الموقف الأخلاقي من العقار، وبين موقف المصلحة لهم كمتدربين ضمن الأعمال الإدارية والتنفيذية، كأعضاء لمجلس الإدارة في الشركات المسؤولة، وعن الصدمة التي فاجأته، للقرارات التي اتخذها الطلبة عن القرار الذي سيسندونه، وهم في موقع المسؤولية، حيث لم يصوّت لصالح القرار الأخلاقي إلا قلة، وهو سحب العقار من الأسواق ذاتياً، مقابل مصالح الشركة المادية، التي صوّت لها غالبية الطلبة.
إن المفصل الدقيق الذي أسعى للوصول إليه، خاصة عبر نموذج الطلبة، هو توحش الشركات الرأسمالية، الذي يُهمين على الأكاديمية الحديثة، وهنا يبرز ارتباط أزمة الأكاديمية، بآثار الرؤية الكونية المنحرفة للحداثة المادية بهذا الفرع، وهو أن الطالب يبدي خلال دراسته بعض الممانعة أمام الغرض المادي غير الأخلاقي، وضرره على المجتمع، لكنه حين يتخرج ويوضع في موقع المسؤولية التنفيذية الإدارية، يعود لكي تترجح لديه وتحسم، لصالح تلك الكثافة في المواد المفترقة عن القيم الأخلاقية، والمهمشة لمصادر روح الأخلاق، والمعرفة الكونية.
ويشير وائل حلاق، إلى ظاهرة اضطراب ترصد عند بعض المسؤولين التنفيذيين في الشركات، جراء تورط هذه الشركات في دفع المجتمع والأفراد، إلى الخضوع لسوق قهري يعسف بحياتهم الشخصية والنفسية، ويزيد من مستوى الكآبة ومعدلات الانتحار، غير أن هذا المدير التنفيذي، يحاول في النهاية أن يتكيف مع البعد الآخر للإنسان الطبيعي الفطري، السعادة والابتسامة للضعفاء والتضامن الأسري، الود والرحمة مع الأولاد.
دون الإخلال بصورته الثانية حين يعود لمقعده في العمل، فينزع عن ذلك الفقير الذي ابتسم له في الشارع، ثوبه ومركبته ومنزله، قبل أن يغشه في دوائه، ويحيله للسلطات القضائية، ليحمي عبر الأداتية القانونية والأمنية كيان المصالح المركزي، الذي تحوّل رأسمالية تُدير الدولة لا أمة ترعى المجتمع والشعب.بقلم: مهنا الحبيل