هوية الرئيس الأميركي مهما كانت فإن في السياسة الأميركية نحو المنطقة العربية من الثوابت ما لا يتغير مهما كانت هوية حاكم البلاد. هذه المسلّمة يدركها كثيرون لكنّ الأمل القاتل الذي تتشبث به بعض الشعوب هو الذي يجعل المنطقة تنتظر رئيس أميركا في أي انتخابات.
منذ الحرب العالمية الثانية وتشكيل المنطقة قررت الولايات المتحدة وضع يدها على مصادر الطاقة العربية بشكل مباشر وغير مباشر ثم عززت هذه الهيمنة بعد حرب الخليج واحتلال العراق ثم زادت من ترسيخها خلال السنوات الأخيرة بعد سقوط الدول العربية في الفوضى والحروب خاصة في سوريا واليمن والسودان ولبنان.
زيادة على ذلك فإن الولايات المتحدة تعتبر الكفيل الرسمي للمشروع الصهيوني هذا إذا لم نعتبرها صاحبة المشروع نفسه والحامي الأول له لأن دولة الاحتلال كما صرح بذلك أكثر من مسؤول أميركي قاعدة أميركية متقدمة في المشرق العربي. المشروع الصهيوني إذن جزء أساسي من مصالحها في البلاد العربية وقاعدة استخبارية هامة لجيشها فضلا عن قدرة الكيان على مدّ الإدارة الأميركية بكل ما تحتاجه من معطيات عن المنطقة في كل المجالات.
بناء عليه يتكررالسؤال المصيري للمنطقة العربية وهو مدى التعويل على الخارج لحل المشاكل المحلية والإقليمية وضمان أمنها. الثابت الأكيد مرة أخرى أن التعويل على الخارج لن يكون إلا تأسيسا على السراب فالخارج هو المشكلة نفسها وليس جزءا منها فقط. إن الترميم لن يكون إلا داخليا ولو في حده الأدنى قبل فوات الأوان فالموجة القادمة من التغيرات لن تستثني أحدا مهما ظن أنه في مأمن منها. الفعل الأميركي فعل استعماري توسعي ولن يتردد في التخلص من كل ما قد يعتبره يوما عائقا في طريق تحقيق مصالحه وأطماعه.