+ A
A -
عاش العالم خلال الأيام والأسابيع الماضية على وقع الاحتجاجات العنيفة التي عرفتها الولايات المتحدة الأميركية بسبب مقتل المواطن جورج فلويد ممن يعرفون بالأفارقة الأميركيين. التسمية في حدّ ذاتها تحمل شحنة عنصرية لأنها تكرّس التفرقة بين المواطنين من أصول أوروبية وآخرين من أصول إفريقية لكنّ الأخطر من التسمية إنما يتمثل في المعاملة التي يحظى بها هؤلاء الذين يُنظر إليهم باعتبارهم مواطنين من درجة دنيا خاصة من قبل قوات الشرطة والأمن.
لم تكن الجريمة الأخيرة أولى الجرائم المرتكبة، ولن تكون الأخيرة، لكنها نجحت في تحريك المسكوت عنه داخل المجتمع الأميركي ونبهت العالم إلى وحشية الشرطة في التعامل مع ذوي البشرة السمراء من الأميركيين. رفعت الجريمة الغطاء عن تاريخ أميركي قائم على العنصرية وعلى التفرقة والتمييز العرقي وهو التاريخ الذي ألقى بترسباته العميقة على واقع المجتمع الأميركي اليوم.
تتأتى المفارقة الكبرى من التناقض الكبير بين الشعارات التي ترفعها الإدارة الأميركية وبين الممارسات التي تمارسها السلطات على الأرض. أميركا هي بلد الحرية والقانون والعدل والاختلاف والتنوّع وهي الشعارات التي دأبت السرديات الأميركية على إشاعتها بين الدول لكنّ واقع الحال يؤكد أن نفس هذه الدولة إنما تتأسس على التمييز والتفرقة على أساس لون البشرة والعرق.
إنّ حجم الاحتجاجات والعنف المصاحب لها يؤكد بما لا يدع مجالا للشك مستوى الاحتقان والظلم الذي يعاني منه السود في المجتمع الأميركي كما أنّ عمليات القتل المرعبة التي نُقلت على الشاشات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عمق الشرخ بين البيض والسود.
بناء على ما تقدّم فإنّ الخلل الاجتماعي والقانوني الذي تعاني منه أميركا وخلفها كثير من الدول الغربية يطرح من جديد ضرورة التساؤل عن وجاهة المنظومة القيمية والأخلاقية والقانونية والفكرية العامة التي تتأسس عليها.
كيف يمكن للحضارة الغربية التي تبشر بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية أن تكون موطن التمييز العنصري ومجال التفرقة العرقية على أساس اللون والعرق ؟ ألم تفتح الجرائم الأخيرة ذاكرة التاريخ وتعيد إلى الأذهان الجرائم التي ارتكبت في حق الشعوب والأقليات التي احتلتها الدول الأوروبية طيلة قرون ؟
مما لا شك فيه أن الجروح التي عرّتها الأزمة الأخيرة في الولايات المتحدة والتي امتدت إلى باقي الدول الأوروبية ستفرض مراجعة الأسس القانونية والاجتماعية والثقافية التي تأسست عليها مجتمعاتها. وهي مراجعات ستلقي بظلالها على السياسات الخارجية للولايات المتحدة بشكل سيطال المجتمعات العربية والإسلامية حتما.بقلم: محمد هنيد
لم تكن الجريمة الأخيرة أولى الجرائم المرتكبة، ولن تكون الأخيرة، لكنها نجحت في تحريك المسكوت عنه داخل المجتمع الأميركي ونبهت العالم إلى وحشية الشرطة في التعامل مع ذوي البشرة السمراء من الأميركيين. رفعت الجريمة الغطاء عن تاريخ أميركي قائم على العنصرية وعلى التفرقة والتمييز العرقي وهو التاريخ الذي ألقى بترسباته العميقة على واقع المجتمع الأميركي اليوم.
تتأتى المفارقة الكبرى من التناقض الكبير بين الشعارات التي ترفعها الإدارة الأميركية وبين الممارسات التي تمارسها السلطات على الأرض. أميركا هي بلد الحرية والقانون والعدل والاختلاف والتنوّع وهي الشعارات التي دأبت السرديات الأميركية على إشاعتها بين الدول لكنّ واقع الحال يؤكد أن نفس هذه الدولة إنما تتأسس على التمييز والتفرقة على أساس لون البشرة والعرق.
إنّ حجم الاحتجاجات والعنف المصاحب لها يؤكد بما لا يدع مجالا للشك مستوى الاحتقان والظلم الذي يعاني منه السود في المجتمع الأميركي كما أنّ عمليات القتل المرعبة التي نُقلت على الشاشات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عمق الشرخ بين البيض والسود.
بناء على ما تقدّم فإنّ الخلل الاجتماعي والقانوني الذي تعاني منه أميركا وخلفها كثير من الدول الغربية يطرح من جديد ضرورة التساؤل عن وجاهة المنظومة القيمية والأخلاقية والقانونية والفكرية العامة التي تتأسس عليها.
كيف يمكن للحضارة الغربية التي تبشر بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية أن تكون موطن التمييز العنصري ومجال التفرقة العرقية على أساس اللون والعرق ؟ ألم تفتح الجرائم الأخيرة ذاكرة التاريخ وتعيد إلى الأذهان الجرائم التي ارتكبت في حق الشعوب والأقليات التي احتلتها الدول الأوروبية طيلة قرون ؟
مما لا شك فيه أن الجروح التي عرّتها الأزمة الأخيرة في الولايات المتحدة والتي امتدت إلى باقي الدول الأوروبية ستفرض مراجعة الأسس القانونية والاجتماعية والثقافية التي تأسست عليها مجتمعاتها. وهي مراجعات ستلقي بظلالها على السياسات الخارجية للولايات المتحدة بشكل سيطال المجتمعات العربية والإسلامية حتما.بقلم: محمد هنيد