دائما ما يكون التحكيم في أي دوري بالعالم محط الأنظار، وفي مرمى النقد دائما.. ولا يخفى على أحد أن الموسم الماضي بدورينا شهد الكثير من الجدل وتعرض الحكام لانتقادات لاذعة جدا، ولعل أقرب مثال لذلك ما حدث في مباراة السد والوكرة في الجولة الرابعة عشرة من المسابقة، وما واجهه الحكم الوطني عبد الرحمن جاسم ليصبح الحكام في قفص الاتهام.
وأمام الأخطاء الواضحة، والسلبيات الكثيرة كان التعامل بشكل عقلاني وبحنكة كبيرة من إدارة التحكيم ولجنة الحكام في الاتحاد القطري لكرة القدم برئاسة هاني طالب بلان، في بداية الموسم وباحترافية كبيرة.
فبعيدا عن «العند» ومحاولة الدخول في معارك خاسرة بالهجوم على من ينتقد أو الخوف من تصريحات أو حتى انتقادات لاذعة، كان العمل الجاد ووضع آلية واستراتيجية واضحة للنهوض بالمسيرة التحكيمية، والتركيز بشكل أكبر على مواكبة كل التحديثات في قانون كرة القدم ومستجدات الحالات التحكيمية.
ويحسب لإدارة الحكام الاعتماد على أهل الاختصاص من الخبرات والفنيين، فانطلقت مبكرا عملية التطوير وفقا لخطط ممنهجة بالاعتماد على أسلوب علمي وتحليلي، وتنظيم العديد من ورش العمل ليس فقط لحكام الدرجة الأولى وانما لحكام الفئات السنية أيضا.
ومع بداية الموسم شاهدنا توقيع العديد من الاتفاقيات مع لجنة التطوير في اتحاد الكرة برئاسة الكابتن فهد ثاني وكذلك مع أكاديمية التفوق الرياضي أسباير، لتقديم محاظرات نظرية وتدريبات عملية على مدار الموسم كامل، للمساهمة في عملية التطوير والوصول إلى الأفضل وفقا لاستراتيجية اللجنة للنهوض بالمنظومة كاملة.
والشيء اللافت هو ما نلاحظه من التواجد الدائم لرئيس اللجنة هاني بلان والذي أصبح يسابق الزمن من أجل النهوض بالمنظومة فيواصل الليل بالنهار، وحتى عندما لا يكون متواجدا فهو يتداخل عبر تقنية الزوم لتقديم خبراته والوقوف على مراحل سير العمل ومستجدات المحاضرات وورش العمل التي دخل فيها أيضا أحدث وسائل التكنولوجيا.
والأمر لا يتوقف فقط بالنسبة لعملية التطوير حول المستوى الفني أو القرارات التحكيمية، ولكن النظرة هنا بشكل متكامل لتشمل المستوى العام للحكم القطري من آداء وتحركات داخل المستطيل الأخضر وطرق تغيير الاتجاهات، وهذا بالتأكيد لا يأتي إلا من خلال اهتمام كامل بالجانب البدني، فتم تخصيص مدربين مختصين في اللياقة البدنية.. وتحديدا عبر الاستعانة بقسم الميكانيكا الحيوية «بيوميكانيكا» في أسباير.
وما بين التطبيقات العملية المستمرة لحكام النخبة بصفة دورية، والجوانب النظرية عبر المحاضرات والندوات واختبارات الفيديو المستمرة.. وصل حكامنا لجاهزية واضحة جدا فنيا وبدنيا، ولا زلنا نتطلع للمزيد، فنحن سعداء بلا شك بمشاهدتهم يتألقون ويتم الاعتماد عليهم في البطولات الخليجية والقارية والدولية ودائما حضورهم مميز في بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة.
والشيء الذي يستحق الإشادة كذلك من خلال عمل منظومة التحكيم المحلية هو «الشفافية» التامة، فنلاحظ وجود قناة خاصة على اليوتيوب لإدارة التحكيم لعرض كل الحالات بعد نهاية كل جولة، حتى يعرف كل حكم أخطاءه ويستفيد منها ولا يكررها مرة أخرى وكذلك يضع الرأي العام في المشهد بشكل واضح بكل صراحة تامة.
وفي النهاية نحن نشد من أزر حكامنا ونتمنى دائما أن يستمروا في الطريق الصحيح وإن شاء الله القادم أفضل بجهود المخلصين، ومن يبذلوا كل الجهد لتظل الكرة القطرية في القمة والمكانة التي تليق بها.