كان بالإمكان أن يطرح نواب من المجلس التشريعي سؤالاً مباشراً للشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية ورئيس البرلمان التونسي، ضمن جلسة تخصص لموقع تونس في السياسة الخارجية الإقليمية، وتحديداً ملف ليبيا، وصعود تأثيرات صراع المحاور الخليجية العربية، على مستقبل تونس السياسي، والانتقال الديمقراطي.
وكان من الممكن أن يُطرح في الجلسة الإشكالان اللذان أُثيرا على الشيخ الغنوشي، في طريقة تعامله مع الرئاسة التركية، وفي اتصاله بالرئيس السرّاج وتهنئته في النزاع الليبي، بحيث يكون هذا الإشكال ضمن دائرة الحوار السياسي البرلماني، والشخصية الاعتبارية للمؤسسة التشريعية، بعد أول تجربة تعددية ديمقراطية في تونس، حيث إن هذا هو الأصل في التعاطي البرلماني.
دون صخب أو شخصنة لرئيس البرلمان، وتحويل الهدف المعلن من النائبة عبير موسى، إلى مشروع سياسي حاشد، قاد عملية التحريض فيه، إعلام خليجي ومصري، يُعلن جهراً في خطابه أن تقويض العملية السياسية هدفه الرئيسي، وهو محور مناهض للديمقراطية في تونس، ومتورط بدعم نزاعات داخلية والأهم من ذلك، نتيجة تداخلاته في تفجير الصراعات، وتمكين الفساد العسكري والدكتاتوري، كنموذج مصر الحالي.
بغض النظر عن شخصية عبير موسى، وإرثها في تأييد عهد بن علي، وموقفها العلني ضد الثورة، حيث عَبَرت للبرلمان بموجب التوافقات الوطنية ثم انتخبت، وظاهرة سلاطة اللسان والشتم الشخصي والتحريضي، في قاعة البرلمان، التي من يحدد معالجتها هم أبناء تونس، غير أن تلك الجلسة لم تحصل، وتصدّر المشهد المركزي للمنصة، مشروع محور أبوظبي.
ومهما يكن تقييم فشل مشروع المساءلة الذي قادته عبير موسى، فإن النموذج الآخر لجلسة البرلمان، الذي لو عقد تحت روح المسؤولية القومية لا التدخل الخارجي، في موضوع حسّاس ومؤثر على تونس، اليوم وغدا، سيتخذ مساراً استراتيجياً هادئاً يصل بين رئاسة الجمهورية والحكومة، لو أنجز البرلمان طرح مخاوفه، وأين يجب أن تقف تونس في هذا الصراع، بمداولة مستقلة.
وهناك إشكالان يبرزان على الساحة التونسية، إضافة إلى التحريش المتصاعد، المدعوم من المحاور الخارجية، في علاقة الرئيس قيس سعيد، مع النهضة وشيخها، علماً بأنني قد رصدتُ سابقاً كماً كبيراً من سخرية محور أبو ظبي وإعلامه من قيس سعيد، قبل أن تُلتقط فرصة تفجير صراع بينه وبين النهضة.
وهناك تحدٍ يعيشه الرئيس، لكن ذلك لا يعني أن يُدفع معه لحالة فراغ أو صدام، أو نشر لروح الإحباط، بدلاً من التوافق الوطني، الذي يُسيّر الدفة حتى انتخابات جديدة، ويسعى في هذه المرحلة لصناعة إنجاز مرحلي، تتخطي فيه تونس معارك الاستقرار إلى معركة البناء.
أما الإشكال الأول، فهو حالة التوتر الشديد في مداولة الرأي التي يُلاحظها المراقب، رغم أن عقل الناخب التونسي يُظهر توازناً نوعياً، في اللحظات الأخيرة، لكن التوتر الاجتماعي بذاته يساعد بالفعل في رفع درجات الخطر، على السلم الأهلي والاستقرار الوطني، الذي لا يُمكن أن تتقدم له تونس، دون روح تعاضد، وتهدئة ولو نسبية للحوارات الاجتماعية والسياسية.
أما الثاني فإن ما أظهرته جلسة البرلمان المطوّلة الصاخبة، وما قبلها وما بعدها من إصطفافات، وعدد النواب الذي احتشدوا تأييداً لمحورية الصراع الذي تبنته عبير موسى، برعاية ودعم مباشر وعلني من محور ابوظبي، ثم الاستقطاب لصالحه داخل العملية والحياة السياسية في تونس الجديدة، أظهر شرخاً خطيراً في الحياة السياسية في تونس.
وهذا لا يعني مطلقاً التحفظ على نقد أي مسؤول للنهضة، أو زعيمها بما في ذلك حاجة الشيخ الغنوشي لمراعاة اتصالاته، وشخصيته الاعتبارية الجديدة.
لكن هذا لا يُبرر خطاب التطرف المسيء الذي عومل به الرجل، ولم تراعى حتى الكرامة الوطنية لمنصبه التشريعي، ولا عمره، ومن يقود الإساءة في الميدان التونسي، هو الإعلام الخارجي للمحور العربي الشرس.
هذه الأجواء تذكّر بنموذج حركة تمرد الذي أشرفت عليه المخابرات الحربية المصرية، وجهاز أبوظبي الأمني، وصحيح أن موقف الجيش الوطني في تونس مختلف عن مصر، لكن المحور يراهن على رفع مستويات التوتر والصراع، قبل أن يحين قطف الثمار.بقلم: مهنا الحبيل
وكان من الممكن أن يُطرح في الجلسة الإشكالان اللذان أُثيرا على الشيخ الغنوشي، في طريقة تعامله مع الرئاسة التركية، وفي اتصاله بالرئيس السرّاج وتهنئته في النزاع الليبي، بحيث يكون هذا الإشكال ضمن دائرة الحوار السياسي البرلماني، والشخصية الاعتبارية للمؤسسة التشريعية، بعد أول تجربة تعددية ديمقراطية في تونس، حيث إن هذا هو الأصل في التعاطي البرلماني.
دون صخب أو شخصنة لرئيس البرلمان، وتحويل الهدف المعلن من النائبة عبير موسى، إلى مشروع سياسي حاشد، قاد عملية التحريض فيه، إعلام خليجي ومصري، يُعلن جهراً في خطابه أن تقويض العملية السياسية هدفه الرئيسي، وهو محور مناهض للديمقراطية في تونس، ومتورط بدعم نزاعات داخلية والأهم من ذلك، نتيجة تداخلاته في تفجير الصراعات، وتمكين الفساد العسكري والدكتاتوري، كنموذج مصر الحالي.
بغض النظر عن شخصية عبير موسى، وإرثها في تأييد عهد بن علي، وموقفها العلني ضد الثورة، حيث عَبَرت للبرلمان بموجب التوافقات الوطنية ثم انتخبت، وظاهرة سلاطة اللسان والشتم الشخصي والتحريضي، في قاعة البرلمان، التي من يحدد معالجتها هم أبناء تونس، غير أن تلك الجلسة لم تحصل، وتصدّر المشهد المركزي للمنصة، مشروع محور أبوظبي.
ومهما يكن تقييم فشل مشروع المساءلة الذي قادته عبير موسى، فإن النموذج الآخر لجلسة البرلمان، الذي لو عقد تحت روح المسؤولية القومية لا التدخل الخارجي، في موضوع حسّاس ومؤثر على تونس، اليوم وغدا، سيتخذ مساراً استراتيجياً هادئاً يصل بين رئاسة الجمهورية والحكومة، لو أنجز البرلمان طرح مخاوفه، وأين يجب أن تقف تونس في هذا الصراع، بمداولة مستقلة.
وهناك إشكالان يبرزان على الساحة التونسية، إضافة إلى التحريش المتصاعد، المدعوم من المحاور الخارجية، في علاقة الرئيس قيس سعيد، مع النهضة وشيخها، علماً بأنني قد رصدتُ سابقاً كماً كبيراً من سخرية محور أبو ظبي وإعلامه من قيس سعيد، قبل أن تُلتقط فرصة تفجير صراع بينه وبين النهضة.
وهناك تحدٍ يعيشه الرئيس، لكن ذلك لا يعني أن يُدفع معه لحالة فراغ أو صدام، أو نشر لروح الإحباط، بدلاً من التوافق الوطني، الذي يُسيّر الدفة حتى انتخابات جديدة، ويسعى في هذه المرحلة لصناعة إنجاز مرحلي، تتخطي فيه تونس معارك الاستقرار إلى معركة البناء.
أما الإشكال الأول، فهو حالة التوتر الشديد في مداولة الرأي التي يُلاحظها المراقب، رغم أن عقل الناخب التونسي يُظهر توازناً نوعياً، في اللحظات الأخيرة، لكن التوتر الاجتماعي بذاته يساعد بالفعل في رفع درجات الخطر، على السلم الأهلي والاستقرار الوطني، الذي لا يُمكن أن تتقدم له تونس، دون روح تعاضد، وتهدئة ولو نسبية للحوارات الاجتماعية والسياسية.
أما الثاني فإن ما أظهرته جلسة البرلمان المطوّلة الصاخبة، وما قبلها وما بعدها من إصطفافات، وعدد النواب الذي احتشدوا تأييداً لمحورية الصراع الذي تبنته عبير موسى، برعاية ودعم مباشر وعلني من محور ابوظبي، ثم الاستقطاب لصالحه داخل العملية والحياة السياسية في تونس الجديدة، أظهر شرخاً خطيراً في الحياة السياسية في تونس.
وهذا لا يعني مطلقاً التحفظ على نقد أي مسؤول للنهضة، أو زعيمها بما في ذلك حاجة الشيخ الغنوشي لمراعاة اتصالاته، وشخصيته الاعتبارية الجديدة.
لكن هذا لا يُبرر خطاب التطرف المسيء الذي عومل به الرجل، ولم تراعى حتى الكرامة الوطنية لمنصبه التشريعي، ولا عمره، ومن يقود الإساءة في الميدان التونسي، هو الإعلام الخارجي للمحور العربي الشرس.
هذه الأجواء تذكّر بنموذج حركة تمرد الذي أشرفت عليه المخابرات الحربية المصرية، وجهاز أبوظبي الأمني، وصحيح أن موقف الجيش الوطني في تونس مختلف عن مصر، لكن المحور يراهن على رفع مستويات التوتر والصراع، قبل أن يحين قطف الثمار.بقلم: مهنا الحبيل