+ A
A -
جريدة الوطن

بعد 4 سنوات من مغادرته البيت الأبيض وسط عاصفة سياسية، يعود الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في دورة جديدة.

ويتوقع مراقبون ألا تشهد سياسته تجاه منطقة الشرق الأوسط تحولا جذريا، لكنه سيكون براغماتيا وأقل ميلا للمواجهات الخارجية وأكثر انكفاء للداخل. ويعتقدون أنه من الصعب التكهن بتوجهاته الحقيقية، لأنه لا يسير في مسارات متماسكة وقد يتخذ خطوات غير متوقعة.

‏وأبدى هؤلاء تفاؤلا حذرا من أن ترامب- ونظرا لأسلوبه وطموحه الشخصي- سيسعى لوقف الحروب في المنطقة وعقد صفقات وتسويات تجنب بلاده الاستنزاف المالي والتورط في رهانات خاسرة.

آمال سودانية

في السودان، تقدم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» عبد الله حمدوك بالتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب، وأعربوا عن استعدادهم للتعاون معه لتحقيق السلام. وقال مالك عقار نائب رئيس المجلس إن الديمقراطيين والجمهوريين في أميركا «وجهان لعملة واحدة ومتفقان في الهدف والإستراتيجية ومختلفان في التكتيك ووسائل التنفيذ». واعتبر -في تصريح- أن فوز ترامب أو كامالا هاريس «سيان» فيما يخص الأزمة السودانية، وقال «واشنطن في نظرهم أولا ونحن نؤمن بذلك».

وشهدت الفترة الرئاسية السابقة لترامب رفع العقوبات على السودان، وشطب اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب بعد أكثر من عقدين من الزمان، كما حمل الخرطوم على بدء خطوات للتطبيع مع إسرائيل، ووقع معها اتفاق أبراهام. من جانبه، يرى المحلل والمتحدث السابق باسم الخارجية السودانية العبيد أحمد مروح أنه رغم أن التوجهات الخارجية للسياسة الأميركية لا تتأثر كثيرا بفوز الجمهوريين أو الديمقراطيين، فإن وجود ترامب في البيت الأبيض يمكن أن يشكل فرصة لتحسين علاقات واشنطن مع السودان مثلما حدثت في آخر عهدته السابقة. ويعتقد مروح أن ترامب سيكون متحررا إلى حد كبير من قيود النظرة البيروقراطية، مما يشكل فرصة سيستفيد منها السودان للوصول إلى تفاهمات مع إدارته القادمة، ولو من باب خفض التوتر في علاقات البلدين.

مخاوف عراقية

من جانب آخر، تواجه العلاقات العراقية الأميركية تحديات متجددة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، خصوصا بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري.

ويرى الأكاديمي والباحث السياسي حيدر حميد أن الحكومة العراقية ستتعامل مع أي إدارة أميركية جديدة وفقا لمصلحتها الوطنية. ويقول إن أهم ما يهم بغداد هو التزام الولايات المتحدة باتفاقية الإطار الإستراتيجي والانتقال بالعلاقة بين البلدين إلى مرحلة تنفيذ بنود الاتفاقية كافة، لا سيما المتعلقة بخروج القوات الأميركية من العراق.

ويستبعد المتحدث تغيرا جذريا في السياسة الأميركية تجاه العراق مع تولي إدارة جديدة المنصب مع حرص واشنطن على الاحتفاظ بعلاقتها مع بغداد وتطويرها، وتوقع مواصلتها سياسة الاشتباك مع الفصائل العراقية، بمعنى أن القوات الأميركية لن ترد على أي استفزازات ما دامت حالة الهدوء قائمة.

ولا تزال المخاوف قائمة بشأن احتمال توسع نطاق الصراعات في المنطقة، لا سيما في ظل استمرار الحرب في غزة وجنوب لبنان. وقد يصبح العراق جزءا من هذه الصراعات «رغما عن إرادته» خاصة إذا عادت إدارة ترامب إلى تبني سياستها السابقة والتي تقوم على فرض عقوبات قصوى على إيران، وفقا للباحث العراقي. وأعرب حميد عن قلقه من أن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، خاصة إذا ما تنصلت الإدارة الأميركية من التزامها بخروج قواتها من البلاد بحلول سبتمبر/‏ أيلول 2026.

توازن المصالح

في ملف آخر، واجهت العلاقات التركية الأميركية خلال ولاية ترامب الأولى تحديات كبيرة، لكنها تميزت بحالة من البراغماتية في قضايا عدة، كما يوجد تفاهم وتعاون بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلافا لعلاقته مع الرئيس جو بايدن.

وعدّ المحلل السياسي التركي أحمد أوزغور فوز ترامب بولاية ثانية فرصة لإعادة تفعيل العلاقات بين أنقرة وواشنطن، لكنه يرى أنها ستظل محكومة بتوازن بين التعاون والتوتر.

وبحسب حديثه فإن عودة ترامب للبيت الأبيض قد تعني تخفيف حدة التوتر في بعض الملفات خاصة أنه ينظر للشراكة مع تركيا من زاوية براغماتية، ويرى فيها شريكا إقليميا لا يمكن تجاهله.

وبرأيه، فإن موقف ترامب تجاه روسيا كان دائما أقل عدوانية مما سيساعد تركيا في الحفاظ على توازنها بين واشنطن وموسكو، خصوصا في ملفي صواريخ إس 400 وطائرات «إف 35» حيث يمكن التوصل إلى تفاهمات جزئية تضمن مصالح الجانبين.

مطالب يمنية

إلى اليمن وفي أول رد فعل من جماعة أنصار الله (الحوثيين) تجاه فوز ترامب، قال القيادي الحوثي حسين العزي إن «موقفنا المساند لغزة ثابت ومتعاظم وسيستمر حتى تصلنا برقية من فلسطين بتوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها». وفي تغريدة على منصة إكس، رأى العزي أن قضيتهم مع أميركا بعد فوز ترامب «تنتظرها فاتورة طويلة ودعم لخيار السلام»، وقال القيادي الحوثي «يجب أن يكون ترامب مستعدا لدفع التعويضات عن كل ضربة استهدفت اليمن وعن كل ضربة دفاعية قمنا بها».

copy short url   نسخ
10/11/2024
0