+ A
A -
السنوسي بسيكري كاتب ليبي

منذ إطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية الأميركية والعالم يترقب نتائجها باهتمام، وما أن ظهرت النتائج حتى اتجه النقاش والتحليل، إثر فوز دونالد ترامب، على مجريات الأحداث في مناطق عدة في العالم، وباعتبار أن ليبيا تشهد تدافعا محليا وإقليميا وحتى دوليا، فمن الطبيعي أن يتجه الحوار حول تأثير قدوم ترامب للبيت الأبيض على الوضع في البلاد.

ينبغي التأكيد على أنه من المبكر توقع خيارات تفصيلية للسياسة الأميركية تتعلق بالأزمة الليبية، إلا أنه يمكن الوقوف على جملة من المحددات قد تيسر عملية التحليل والتوقع التي يمكن أن تقود إلى ملامح عامة للسياسة الأميركية في العهد الثاني لترامب تجاه ليبيا، ويمكن إجمال تلك المحددات فيما يلي:

ـ سياسة ترامب التي تقوم على الاهتمام بالداخل الأميركي، وعلى انتهاج خيار اللاحروب، والتركيز على الأزمات والقضايا الكبرى في العالم، هذا يجعل الاهتمام بليبيا في مستوى أولوي متأخر بالنسبة للبيت الأبيض.

برغم إمكانية التقارب بين واشنطن وموسكو في عهد ترامب، إلا أن هذا التقارب لن يكون بإطلاق يد الكرملين في ليبيا والذي يتبنى استراتيجية للتوغل في إفريقيا وتغيير الخريطة الجيوسياسية فيها، وليبيا حاضرة ضمن هذه الاستراتيجية.

ـ يمكن أن يظهر الاهتمام بليبيا بمدى قربها وبعدها من الحرب الدائرة في المنطقة (غزة، جنوب لبنان)، وهذا قد يكون نتيجة لتطور هذه الحروب لصالح الكيان الإسرائيلي، والتقدم خطوات بل ربما قفزات في مشروع التطبيع.

ـ «استراتيجية إفريقيا» التي اعتمدتها الإدارة الأميركية في عهد ترامب الأول يمكن أن تستمر وهي تقوم على محورين رئيسيين هما: الأمن والاقتصاد، والأمن يتضمن احتواء التوسع الروسي في القارة، والاقتصاد يهدف إلى مكافأة الثقل الصيني في إفريقيا بعد أن تفوقت بكين على واشنطن وحلفائها الأوروبيين في حجم التبادل التجاري والشراكة الاقتصادية مع دول القارة الإفريقية.

ـ معادلة التدافع الإقليمية تغيرت بشكل كبير عما كانت عليه في عهد ترامب الأول، فالصراع الإقليمي المحموم على ليبيا والذي تطور إلى مواجهة مسلحة يمكن وصفها بحرب الوكالة العام 2019م، انتهى أطرافها الإقليميون إلى تقارب قد يأخذ منحى استراتيجيا كما هو الوضع بين تركيا ومصر، أهم لاعبين إقليميين في الأزمة الليبية.

ـ محليا، ورغم استمرار حالة النزاع والانقسام، إلا أن الأوضاع مشبعة بالتوجهات السلمية والتحول إلى الإعمار كوسيلة لكسب الرأي العام بديلا عن استخدام القوة، حتى صار خيار فرض الإرادة بقوة السلاح بين الأطراف المتصارعة مرجوحا.

أمام هذه المحددات يمكن القول إن الاهتمام الأميركي بليبيا قد يتأخر بالنظر إلى القضايا الكبرى الساخنة التي تعهد ترامب بحلها، وأن السياسة الأميركية ستتأثر بالدور الروسي في الأزمة الليبية واتخاذ ليبيا كمنطلق للمضي صوب إفريقيا.عربي 21

copy short url   نسخ
11/11/2024
10