كان الأحنف بن قيس لا يغضبُ أبداً، حتى سُمِّيَ «حليم العرب»، وعنه كانوا يقولون: هذا الذي لا يغضبُ أبداً، ولكنه إذا غُضِبَ، غضَبَ له مائة ألفٍ لا يدرون فيمَ غضب!
وقِيل للأحنف بن قيس يوماً: ممن تعلمتَ الحِلم؟
فقال: من قيس بن عاصم، رأيتُه قاعداً بفناء داره، محتبياً بحمائل سيفه، يُحدِّثُ قومه، حتى أُتِيَ له برجلٍ مربوطٍ ورجلٍ مقتول، وقالوا: هذا ابن أخيكَ قتلَ ابنكَ! فما قطعَ كلامه ولا اهتزَّ، ولما انتهى قال لابن أخيه: يا ابن أخي أسأتَ إلى رحمكَ ورميتَ نفسكَ بسهمك! وقال لابنٍ له: قُمْ إلى ابن عمكَ فحُلَّ وثاقه، وادفن أخاكَ، وسُقْ إلى أمك مائة ناقة دية ابنها، فإنها غريبة في قومنا!
عندما جاءتْ قبيلة عبد القيس إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لتُسلم، سارعَ أفرادُ القبيلةِ بالدخول عليه، إلا سيدهم أشجُّ عبد القيس، بقي عند رحالهم، فربطَ الجِمال، ولبسَ أحسن ثيابه، وأخذَ شيئاً من الطِّيب، وأتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقرَّبَه منه، وأجلسَه إلى جانبه، وقال له: إنَّ فيك خصلتين يُحبهما الله: الحِلمُ والأناة!
فقال له الأشجُّ: أجُبِلْتُ عليهما أم تخلَّقْتُ بهما يا رسول الله؟
فقال له: بل جُبِلْتَ عليهما!
نصٌّ صريحٌ قاطعٌ أن الناس يُولدون بطباعٍ مختلفةٍ، جبلَهم الله سبحانه عليها في بطون أمهاتهم، وهذا واقع نعيشه يومياً ونشاهده عياناً، إننا نرى في البيت الواحد، الكريم والبخيل، الهادئ والعصبي، الشهم والأناني، الحليم والغضوب!
ولكن هذا ليس مُبرِّراً لأن ينساق الإنسان وراء طبعٍ سيئٍ جُبل عليه، لأن الدنيا دار امتحان ومُجاهدة، والنجاح والرسوب إنما يكون بمُخالفةِ الهوى أو الانسياقِ له!
حتى الأحنف بن قيس كان يقول: لستُ حليماً ولكني أتحلَّم لأُجبر نفسي عليه.
وخيرٌ منه ما رواه الخطيب في تاريخ بغداد من حديث أبي هريرة أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إنما العلم بالتعلُّم، وإنما الحِلم بالتحلُّم، ومن يتحرَّ الخيرَ يُعطه، ومن يتوقَّ الشَّر يوقه!
ولتبسيطِ الفكرة، الإنسانُ مجبولٌ على الشهوة ولكن هذا لا يُبرر الزنى، ولكن الله سُبحانه جبله عليها امتحاناً ليرى كيف يُشبع شهوته حلالاً أم حراماً، يحكمها أو تحكمه!
والإنسانُ مجبولٌ على حب المال، ولكن هذا لا يُبرر السرقة، ولكن الله سُبحانه جبلَه عليه امتحاناً ليرى من يكسب بالحلال ومن يكسب بالحرام، من يُؤدِّب شهوته ومن ينساق لها انسياقَ البهائم المحكومة بغريزتها لأن لا عقل لديها!بقلم: أدهم شرقاوي
وقِيل للأحنف بن قيس يوماً: ممن تعلمتَ الحِلم؟
فقال: من قيس بن عاصم، رأيتُه قاعداً بفناء داره، محتبياً بحمائل سيفه، يُحدِّثُ قومه، حتى أُتِيَ له برجلٍ مربوطٍ ورجلٍ مقتول، وقالوا: هذا ابن أخيكَ قتلَ ابنكَ! فما قطعَ كلامه ولا اهتزَّ، ولما انتهى قال لابن أخيه: يا ابن أخي أسأتَ إلى رحمكَ ورميتَ نفسكَ بسهمك! وقال لابنٍ له: قُمْ إلى ابن عمكَ فحُلَّ وثاقه، وادفن أخاكَ، وسُقْ إلى أمك مائة ناقة دية ابنها، فإنها غريبة في قومنا!
عندما جاءتْ قبيلة عبد القيس إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لتُسلم، سارعَ أفرادُ القبيلةِ بالدخول عليه، إلا سيدهم أشجُّ عبد القيس، بقي عند رحالهم، فربطَ الجِمال، ولبسَ أحسن ثيابه، وأخذَ شيئاً من الطِّيب، وأتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقرَّبَه منه، وأجلسَه إلى جانبه، وقال له: إنَّ فيك خصلتين يُحبهما الله: الحِلمُ والأناة!
فقال له الأشجُّ: أجُبِلْتُ عليهما أم تخلَّقْتُ بهما يا رسول الله؟
فقال له: بل جُبِلْتَ عليهما!
نصٌّ صريحٌ قاطعٌ أن الناس يُولدون بطباعٍ مختلفةٍ، جبلَهم الله سبحانه عليها في بطون أمهاتهم، وهذا واقع نعيشه يومياً ونشاهده عياناً، إننا نرى في البيت الواحد، الكريم والبخيل، الهادئ والعصبي، الشهم والأناني، الحليم والغضوب!
ولكن هذا ليس مُبرِّراً لأن ينساق الإنسان وراء طبعٍ سيئٍ جُبل عليه، لأن الدنيا دار امتحان ومُجاهدة، والنجاح والرسوب إنما يكون بمُخالفةِ الهوى أو الانسياقِ له!
حتى الأحنف بن قيس كان يقول: لستُ حليماً ولكني أتحلَّم لأُجبر نفسي عليه.
وخيرٌ منه ما رواه الخطيب في تاريخ بغداد من حديث أبي هريرة أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إنما العلم بالتعلُّم، وإنما الحِلم بالتحلُّم، ومن يتحرَّ الخيرَ يُعطه، ومن يتوقَّ الشَّر يوقه!
ولتبسيطِ الفكرة، الإنسانُ مجبولٌ على الشهوة ولكن هذا لا يُبرر الزنى، ولكن الله سُبحانه جبله عليها امتحاناً ليرى كيف يُشبع شهوته حلالاً أم حراماً، يحكمها أو تحكمه!
والإنسانُ مجبولٌ على حب المال، ولكن هذا لا يُبرر السرقة، ولكن الله سُبحانه جبلَه عليه امتحاناً ليرى من يكسب بالحلال ومن يكسب بالحرام، من يُؤدِّب شهوته ومن ينساق لها انسياقَ البهائم المحكومة بغريزتها لأن لا عقل لديها!بقلم: أدهم شرقاوي