تستعد باريس إلى ليلة ساخنة بسبب اللقاء المرتقب بين الفريق الفرنسي والفريق الاسرائيلي في ملعب فرنسا بضاحية «سان دوني» شمال العاصمة. ليست هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الفريقان لكنها المرة الأولى التي يتواجهان فيها خلال سياق شديد الحساسية خاصة بعد أحداث العاصمة الهولندية أمستردام.

فبقطع النظر عما يمكنه أن يحدث خلال هذا اللقاء من انفلات أمني وهو ما تخشاه السلطات الفرنسية فإن الأزمة الحقيقية إنما تكمن في البعد السياسي للمباراة لا في البعد الأمني. فبعد الشحن الإعلامي الخطير الذي أعقب مباراة هولندا تحاول الأذرع الإعلامية الفرنسية الخادمة للمشروع الصهيوني الاستثمار في هذه المباراة لتدارك الخسارة الكبيرة خلال المباراة السابقة.

فشلت الخطة الإعلامية في تصوير الجمهور الاسرائيلي ضحية لهجوم المشجعين المغاربة بعد ظهور مقاطع تؤكد السلوك الهمجي للجمهور الصهيوني وهو يمزق الأعلام الفلسطينية وينتزعها من شرفات المنازل. بل أظهرت مقاطع أخرى المشجعين الإسرائيليين وهم يرددون شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين ويمنعون دقيقة صمت إكراما لضحايا فيضانات إسبانيا.

هذا الفشل الذي يفضح مرة أخرى انكشاف أكاذيب دولة الاحتلال وسقوط قناع الضحية الذي تبتز به الصهيونية دول أوروبا تحت شعار معاداة السامية سيفرض على هذه القوى استثمار أي حدث رياضي لصالحها لتفادي الفشل السابق.

صرح وزير الداخلية الفرنسي بتخصيص قوة أمنية كبيرة لتأمين المباراة رغم دعوات كثيرة بتعليقها كما نشطت على مواقع التواصل دعوات إلى مقاطعة المباراة. لكن كل ذلك لم يمنع المنصات الفرنسية من مواصلة الشحن ضد العرب والمسلمين مع التأكيد على صفة «الإرهاب الإسلامي» باعتباره الحصان الرابح للخطاب الصهيوني في أوروبا.

ارتفعت وتيرة هذا الشحن بعد قدرة مواقع التواصل على كشف الأكاذيب الصهيونية بالصوت والصورة ونشر المجازر اليومية وجرائم الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال في حق الأطفال والمدنيين. مثلت هذه الخسارة الكبيرة ضربة قوية للمشروع الصهيوني باعتباره مشروع إبادة قائم على الأكاذيب عبر شيطنة الآخر وتصويره إرهابيا متوحشا لخلق الحجة والذريعة اللازمة لمواصلة الإبادة.

لكن أخطر ما يميّز الإعلام الفرنسي منذ سنة تقريبا هو التصاعد المخيف لموجة جديدة من الخطاب العنصري ضد العرب والمسلمين بشكل غير مسبوق على الإطلاق. إذ يسعى اللوبي الصهيوني إلى استنفار كل قواته في سبيل شيطنة القضية الفلسطينية وشيطنة داعيمها ومنع انكشاف الوجه الآخر للاحتلال وهو ما يفسر محاولته توريط الشباب المغاربي في مواجهة جديدة مع الجماهير الاسرائيلية للتغطية على جرائم الإبادة في غزة.