إنها المرحلة الأكثر خطراً وتوحشاً؛ يعبُر الغزيون نفقها المظلم دون أن يلوح أيّ بريق أملٍ بقرب نهاية طريق الآلام ودرب الجلجلة في حرب الإبادة المتدحرجة. كأنّها صخرةُ سيزيف، كلما رفعَتها السواعدُ المرهقة، لا تلبث أن تتدحرج مجدداً لتُغلق باب الرجاء، وفسحة الأمل الموؤودة بالبراميل المتفجرة، وجنازير الدبابات المزمجرة على أبواب المنازل، وخيام النزوح في مراكز الإيواء التي استحالت ساحة للرماية.
طوابير الجائعين تنتشر في جميع أنحاء القطاع المحاصر بأعمدة النار والدمار، بينما لا يتوقف القتلة عن تجريب كل أدوات الفتك لتحقيق أهدافهم المرعبة، فمن لم يمت قتلاً يمت جوعاً وعطشاً، وهو أشد أنواع الموت، لأن الأجساد تذوب كما الشموع.
مشاهد الأجساد الغضة، وهي تذوي على مهلٍ أمام أعين الآباء والأُمهات، تبعث على القهر؛ فلا أشدّ ولا أقسى من شعورك بالعجز عن توفير كسرة خبزٍ أو رضعة حليبٍ لطفلك، وهو يتضوّر جوعاً بين يدَيك!
إنّها المجاعة تضرب بقوة، وتنهش الأمعاء الخاوية، وتثير الخوف والرعب على الأطفال المحشورين في المحرقة، حيث تقلصت حصة الفرد في القطاع إلى أقل من رغيف حاف في اليوم، فيما يتهدد استمرار الحصار وقطع إمدادات الغذاء ما تبقّى من تكايا الحياة.
أنقِذوا أطفال غزة من جرائم الإبادة..!