أنقرة- قنا- أكد سعادة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية، على أن اللجنة الاستراتيجية العليا القطرية - التركية شكلت على مدار تسع سنوات ماضية عاملا مهما ودافعا قويا لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، واستمرار التنسيق الاستراتيجي المشترك، وذلك بفضل الدعم الكبير الذي تلقاه اللجنة من قبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية.

وقال سعادته، في حوار مع وكالة الأنباء القطرية «قنا»، إنه بفضل هذا الدعم الكبير للجنة الاستراتيجية العليا، واستمرار التنسيق الاستراتيجي المشترك، فقد تمَّ التوقيع على أكثر من 100 اتفاقية بين دولة قطر والجمهورية التركية على مدار تسع سنوات.

وأضاف سعادة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني أن اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا يتم الإعداد له على عدة مستويات، فهناك التنسيق بين الجهات المختلفة والوزارات المعنية بالاتفاقيات وبنودها، فنيا وقانونيا، وهناك أيضا الترتيبات الفنية واللوجستية للوفود، في حين تتولى وزارتا الخارجية في البلدين التنسيق والمتابعة لمسار المفاوضات الخاصة بالاتفاقيات بين الوزارات والمؤسسات المختلفة ذات الصلة لدى الجانبين، مشيرا إلى أن البعثات الدبلوماسية للطرفين تعمل على دعم هذه الجهود وتعزيزها، كما تقوم بدراسة وسبر واستشراف العديد من أوجه التعاون الجديدة، التي تتم بلورتها فيما بعد حتى تتحول إلى واقع ملموس.

وأشار سعادته إلى أهمية انعقاد الاجتماع العاشر للجنة في «أنقرة»، والذي سيتضمن لقاء ثنائيا بين قيادتي البلدين، يليه اجتماع وفود الجانبين، والذي يتم خلاله توقيع الاتفاقيات الجديدة، ومن المتوقع أن تتضمن أعمال الاجتماع مناقشة بعض الملفات ذات الاهتمام المشترك، والقضايا الإقليمية المهمة، بالإضافة إلى مواضيع تخص العلاقات الثنائية بين البلدين، على أن يتم اختتام أعمال اللجنة الاستراتيجية ببيان مشترك.

وأوضح سعادة سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية أنه لا يمكن النظر إلى انعقاد أعمال اللجنة العليا المشتركة بمعزل عن التقارب الكبير بين البلدين والروابط الوثيقة التي تجمعهما، لا سيما أن العلاقات الثنائية القطرية - التركية لطالما تميزت بثباتها ورسوخها على مدى الأعوام الماضية، برغم تغير الديناميكيات العالمية والسياقات الإقليمية.

وأضاف سعادته أن هذا الاجتماع السنوي المهم للجنة يسهم في ترسيخ المكتسبات المحققة، ومراجعة الاتفاقيات الموقعة، ومناقشة أي بنود أو قضايا عالقة بين الطرفين، مشيرا إلى أن الاتفاقيات الموقعة فيه تعتبر إطارا تنظيميا يضمن نجاح التعاون واستدامته في المجالات المختلفة.

ونوه سعادة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، في هذا الإطار، بتميز العلاقات الثنائية بين قطر وتركيا، قائلا إن «العلاقات القطرية - التركية» تختلف عن غيرها من العلاقات الدولية بتميزها وثباتها واستمراريتها، حيث تشعبت لتشمل كافة القطاعات وعلى كافة المستويات، على غرار التخطيط الاستراتيجي والمجالات التجارية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والتكنولوجية والاتصالات وغيرها من المجالات الأخرى.

وأشار سعادة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني إلى أن قطر وتركيا يربطهما تعاون كبير في العديد من المجالات والقطاعات، وتنسيق في ملفات دولية وإقليمية مهمة، بالإضافة إلى أن هناك زيارات متبادلة على مستوى القادة، وأصحاب السعادة الوزراء، والمسؤولين في مختلف القطاعات، ولجان متعددة للتعاون الاقتصادي والتجاري والمالي، ومنتديات ومعارض مشتركة، وجهود مبذولة من كافة الجهات ذات الصلة، مؤكدا أنه لا يوجد حد للمدى الذي يمكن أن يصل إليه التعاون بين البلدين، حيث هناك جهد دؤوب وحقيقي يبذله الطرفان لتعميق التعاون وإيجاد آفاق جديدة له.

كما نوَّه سعادته بمستوى التبادل التجاري بين البلدين، والذي بلغ حجمه قرابة 1.26 مليار دولار في العام 2023 مع وجود جهود متواصلة من الجانبين لزيادته، خاصة أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية والتجارية الموقعة بين البلدين ستدخل حيز النفاذ قريبا.

وأضاف سعادة سفير دولة قطر لدى الجمهورية التركية أنه توجد اتفاقيات أخرى مهمة سيكون لها أثر في تطوير العلاقات الاقتصادية وديمومتها، وجعل الاستثمار المشترك أكثر جاذبية للطرفين على غرار اتفاقية منع الازدواج الضريبي، التي تم توقيعها عام 2017، واتفاقية المناطق الحرة، مشيرا إلى «الاجتماع الوزاري الأول للجنة الاقتصادية والمالية المشتركة»، بين وزارتي المالية في البلدين المتوقع انعقاده قريبا.

وأشار سعادته إلى أنه على الجانب الآخر، فإن تركيا تزخر بإمكانات وفرص واعدة، في وقت يبذل فيه الجانب التركي جهودا كبيرة لجذب الاستثمارات وتنظيمها، مشيدا في هذا الإطار بالتقدم الكبير الذي حققته تركيا في علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع دول الخليج، والاتفاقيات الموقعة معها.

واعتبر سعادة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني هذه العلاقات خطوات جادة من الطرفين لتحقيق ذلك، خاصة بعد انعقاد الجولة الأولى من مفاوضات التجارة الحرة بين تركيا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 31 يوليو الماضي بأنقرة، وانعقاد الملتقى الاقتصادي العربي التركي الـ15 في إسطنبول الشهر الماضي.

وأكد سعادته على أن جميع هذه الفعاليات والمنتديات واللجان تساهم في تعميق الروابط التجارية والاقتصادية بين دولة قطر والجمهورية التركية من جهة، ودول مجلس التعاون الخليجي والجمهورية التركية بشكل عام من جهة أخرى.

وعن الاستثمارات الجديدة أو المشاريع المشتركة التي تتم دراستها بين البلدين، قال سعادة الشيخ محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، في ختام حواره مع «قنا»، «نحن دائما منفتحون على المزيد من التعاون والمشاريع مع الجانب التركي إذ تعد تركيا من أكثر الخيارات تفضيلا للمستثمر القطري»، مشيرا إلى أن هناك العديد من المشاريع قيد الدراسة لدى الطرفين، سواء تلك التي تخص القطاع الخاص أو العام.