يكاد مؤشر الأزمة الخليجية يعود لنقطة الصفر، فلم يعد الأمر قائما على قدرة الوساطة الخليجية، لتحقيق أي اختراق، بل موقف محور التطرف من الوساطة ذاتها، وحين قسّمنا الخلاف في دول مجلس التعاون الخليجي، بين محور اعتدال ومحور تطرف، فإن المعيار منذ ذلك الوقت حتى اليوم، هو اللجوء لحل الخلافات عبر الحوار السياسي والتفاوض الدبلوماسي، في الأزمة الخليجية.
وهو الموقف الذي يجمع عمان والكويت مع قطر، في حين مثلت دول الحصار محور التطرف، لكونها قد تورطت في التحريض، ومباشرة خطابات تهديد عسكرية، وتفاصيل كبرى من العنف السياسي والاجتماعي والإعلامي، لسنا في صدد إعادة التذكير بها.
والإشكال المستمر في تقويم مراحل الأزمة وتطوراتها، هو ردود الفعل الطفولية العاطفية التي تحكم الموقف، وهو دفع طفولي عاطفي للرياض، لكنه ليس كذلك في آلة التحريك المركزي وهي أبو ظبي، نقصد من ذلك، أن رصد اتجاهات ملفات أبو ظبي، وخاصة العلاقة المتطورة والمتفاعلة بين تل أبيب وطهران، التي تسعى فيها أبوظبي بقوة مؤخراً مع كل طرف، يؤكد أن هناك تصورا استراتيجيا، لمشروعها السياسي الأمني الخاص، وأن الرهان على بقاء هذا المشروع، سيأخذ موضعه، حتى لو سقطت الدولة السعودية، وفُرز الشرق الإحسائي (المنطقة الشرقية).
إن وضع الكويت اليوم، تحت الضغط المباشر أعاد الأجواء لاستهدافها السابق، لكنها اليوم وُضعت في ملف شيطنة الإخوان، الذي حُضّر له منذ زمن، ليُدفع إلى الطاولة، ولسنا نناقش تفاصيل التسريبات، ولا شخصيات لقاءاتها، وإنما في الفكرة التي وُضعت الكويت، تحت سياقها اليوم، والضغط عليها للتعامل سياسياً وأمنياً مع الإخوان الكويتيين، وآخرين وُضعوا تحت إطار الإخوان، لتعزيز الضغط السياسي، والتهديد لحكومة الكويت، ولشخصية الشيخ صباح الذي قاد جهود الوساطة.
وكأنما يُعاقب أمير الكويت على مهمته، التي ساهمت في سحب التهديد العسكري، وكَشفت الحساب الأميركي للأزمة أمام ترامب في البيت الأبيض، والذي شهد بعد ذلك تحولاً كبيراً، في صالح التهدئة السياسية، لكن ذلك كله لم يُهدّئ من شعور الغضب والإحباط، في أبو ظبي والرياض.
بعد الفشل المتتالي في تحقيق أي خنق استراتيجي لقطر، وكان لكسر التهديد بالعزل الخليجي، وإنفاذ خطته على قطر، دور كبير في الغضب من موقف الكويت، وتعرّض الشيخ صباح أميرها بذاته، لمواقف أقل ما يُقال عنها، بأنها خارج اللياقات والمروءة العربية.
وساهم موقف مسقط المساند والفاعل ذاتياً، في كسر هذه العُزلة، وخاصة في حملة قطع الطرق عن الشعب القطري، والرهان الغبي على تمرد داخلي في قطر، يدفعه الإحباط، وهو ما تحول إلى ارتداد عكسي لصالح قطر، ولصالح عُمان والكويت، في موقف المشاعر الشعبية من الحصار، وهو كذلك لدى الغالبية الساحقة، من شعوب محور التطرف، لكن للسوط الأمني قوته.
ولذلك شُرّعت جملة من قرارات مضحكة ومؤلمة في ذات الوقت، لضمان نزع أي روح ودٍ لأهل قطر، ونُشرت في الصحافة الرسمية لهذه الدول باسم إدانة التعاطف مع قطر، وسجن أبرز علماء الاعتدال الإسلامي والخطاب الأخلاقي اليوم، الشيخ سلمان العودة، بتهمة تمني الخير والدعاء بالصلح.
إن الرسالة الأخيرة في شيطنة إخوان الكويت، هي رد فعل إضافي بأثر رجعي على موقف الكويت الوسيط، والرافض لعزل قطر، ولكنه في ذات الوقت، يحمل جذور مشروع إضافي، تسعى عبره أبو ظبي والرياض لتعويض خسائر صفقة احتلال قطر، والتعثرات التي فشلت، وفصّلناها في كتاب نكسة يونيو، بالأدلة المشهودة حينها، والوصول إلى قهر الدولة والمجتمع في الكويت، وتحويلها إلى إقليم تابع. والصراع الفكري والسياسي في الكويت، بين التنظيمات الدينية والمدنية قديم، وهو أمرٌ مشروع ضمن إطار الكويت الوطني. لكن ما يجري اليوم، هو تفعيل أرضية الاختراق الثقافي التي عملت عليها، أبو ظبي والرياض، وتحويل هذا الصراع، إلى مخلب من داخل النسيج الكويتي، يكون مقدمة لضم الكويت إقليماً في قبضتها داخل سور أبو ظبي الكبير.بقلم: مهنا الحبيل
وهو الموقف الذي يجمع عمان والكويت مع قطر، في حين مثلت دول الحصار محور التطرف، لكونها قد تورطت في التحريض، ومباشرة خطابات تهديد عسكرية، وتفاصيل كبرى من العنف السياسي والاجتماعي والإعلامي، لسنا في صدد إعادة التذكير بها.
والإشكال المستمر في تقويم مراحل الأزمة وتطوراتها، هو ردود الفعل الطفولية العاطفية التي تحكم الموقف، وهو دفع طفولي عاطفي للرياض، لكنه ليس كذلك في آلة التحريك المركزي وهي أبو ظبي، نقصد من ذلك، أن رصد اتجاهات ملفات أبو ظبي، وخاصة العلاقة المتطورة والمتفاعلة بين تل أبيب وطهران، التي تسعى فيها أبوظبي بقوة مؤخراً مع كل طرف، يؤكد أن هناك تصورا استراتيجيا، لمشروعها السياسي الأمني الخاص، وأن الرهان على بقاء هذا المشروع، سيأخذ موضعه، حتى لو سقطت الدولة السعودية، وفُرز الشرق الإحسائي (المنطقة الشرقية).
إن وضع الكويت اليوم، تحت الضغط المباشر أعاد الأجواء لاستهدافها السابق، لكنها اليوم وُضعت في ملف شيطنة الإخوان، الذي حُضّر له منذ زمن، ليُدفع إلى الطاولة، ولسنا نناقش تفاصيل التسريبات، ولا شخصيات لقاءاتها، وإنما في الفكرة التي وُضعت الكويت، تحت سياقها اليوم، والضغط عليها للتعامل سياسياً وأمنياً مع الإخوان الكويتيين، وآخرين وُضعوا تحت إطار الإخوان، لتعزيز الضغط السياسي، والتهديد لحكومة الكويت، ولشخصية الشيخ صباح الذي قاد جهود الوساطة.
وكأنما يُعاقب أمير الكويت على مهمته، التي ساهمت في سحب التهديد العسكري، وكَشفت الحساب الأميركي للأزمة أمام ترامب في البيت الأبيض، والذي شهد بعد ذلك تحولاً كبيراً، في صالح التهدئة السياسية، لكن ذلك كله لم يُهدّئ من شعور الغضب والإحباط، في أبو ظبي والرياض.
بعد الفشل المتتالي في تحقيق أي خنق استراتيجي لقطر، وكان لكسر التهديد بالعزل الخليجي، وإنفاذ خطته على قطر، دور كبير في الغضب من موقف الكويت، وتعرّض الشيخ صباح أميرها بذاته، لمواقف أقل ما يُقال عنها، بأنها خارج اللياقات والمروءة العربية.
وساهم موقف مسقط المساند والفاعل ذاتياً، في كسر هذه العُزلة، وخاصة في حملة قطع الطرق عن الشعب القطري، والرهان الغبي على تمرد داخلي في قطر، يدفعه الإحباط، وهو ما تحول إلى ارتداد عكسي لصالح قطر، ولصالح عُمان والكويت، في موقف المشاعر الشعبية من الحصار، وهو كذلك لدى الغالبية الساحقة، من شعوب محور التطرف، لكن للسوط الأمني قوته.
ولذلك شُرّعت جملة من قرارات مضحكة ومؤلمة في ذات الوقت، لضمان نزع أي روح ودٍ لأهل قطر، ونُشرت في الصحافة الرسمية لهذه الدول باسم إدانة التعاطف مع قطر، وسجن أبرز علماء الاعتدال الإسلامي والخطاب الأخلاقي اليوم، الشيخ سلمان العودة، بتهمة تمني الخير والدعاء بالصلح.
إن الرسالة الأخيرة في شيطنة إخوان الكويت، هي رد فعل إضافي بأثر رجعي على موقف الكويت الوسيط، والرافض لعزل قطر، ولكنه في ذات الوقت، يحمل جذور مشروع إضافي، تسعى عبره أبو ظبي والرياض لتعويض خسائر صفقة احتلال قطر، والتعثرات التي فشلت، وفصّلناها في كتاب نكسة يونيو، بالأدلة المشهودة حينها، والوصول إلى قهر الدولة والمجتمع في الكويت، وتحويلها إلى إقليم تابع. والصراع الفكري والسياسي في الكويت، بين التنظيمات الدينية والمدنية قديم، وهو أمرٌ مشروع ضمن إطار الكويت الوطني. لكن ما يجري اليوم، هو تفعيل أرضية الاختراق الثقافي التي عملت عليها، أبو ظبي والرياض، وتحويل هذا الصراع، إلى مخلب من داخل النسيج الكويتي، يكون مقدمة لضم الكويت إقليماً في قبضتها داخل سور أبو ظبي الكبير.بقلم: مهنا الحبيل