+ A
A -

يبدو عنوان البرنامج الوقائي، لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة في قطر، مهما جداً، في رفد الزواج الحديث ببرنامج حيوي، يساعد في تخطي العقبات التي تبرز بعد (سنة أولى زواج)، فمعالجة حالات الخلافات الزوجية هنا، لها مؤشّر خاص مختلف، وذلك لسبب رئيسي يخص هذا المسار وهي مسؤولية ما قبل الزواج في التوعية وهي ذات شقين، الأول تتحمله عائلتا العروسين، والثاني مسؤولية الشاب والشابة في أن يسعى كل منهما لوعي المسؤولية الزوجية، وتعلمها من خلال القراءة والمواقع الراشدة في التوجيه.

وألا تُشغل كل أجواء ما قبل الزواج، بالحالة الرومانسية المشروعة والمهمة، لكن ينبغي أن تأخذ معها أيضاً ثقافة البيت الجديد، بقسطٍ من الوعي والفهم، ومعرفة متطلبات ما بعد الزواج، التي ستفرضها حتماً شراكة الحياة، في مضمار العلاقات الحوارية أو المشاعر، أو في مضمار الواجبات المنزلية ومراعاة عائلتي كِلا الزوجين.

ومع أنّ ثقافة ما قبل الزواج، من خلال الدورات المهمة التي تعدها المراكز الأسرية المتخصصة، قد انتشرت في منطقتنا الخليجية، إلاّ أنّ حالات الطلاق للزيجات الحديثة لا تزال مرتفعة جداً في الإقليم، وهذا ما يُعزّز إشارات الدراسات المختصة، من أنّ مجال المعالجة الذاتية ضعيف للغاية، وهو يحتاج إلى حراك تسبقه ثقافة، يعمل عليها الميدان التعليمي، والإعلامي والمنبري لإحياء هذه الثقافة في المجتمع.

في حالة الزيجات الحديثة، تتجسّد هذه القضية بصورة أكبر، والمقصود هنا أهمية أن يسعى الوالدان، إلى التمهيد الايجابي لمسؤولية الحياة الزوجية، مع ضرورة التذكير بالاختلاف بين البيئة الحديثة التي ستتقدم لها الشابة وتدخل في غمارها، كونها طبائع حتى في البيوت القريبة من بعضها، فالنّاس يختلفون في إدارة حياتهم وحتى طعامهم وسلوكهم وبرتوكولاتهم الاجتماعية.

وعليه فان تثقيف الزوجات قبل الدخول مهم، كمسؤولية للعائلة تُذكّرها بأدب تقدير هذه الاختلافات مبكراً، وأما الجانب الثاني فهو التمهيد للفتاة، أن ما بعد أيام الرومانسية الزوجية الأولى، هناك حالة تحوّل وانشغال، يجب ألا تُسقِط أجواء الحب والرومانسية بين الزوجين، لكنّها تستوعب ما تقتضيه الشراكة من مسؤولية لإدارة المنزل، وهنا تكمن المشكلة.

إن طبيعة التغير الكبير في الحياة المعاصرة، جعل الجيل الشبابي يرتهن في عنصره الشبابي، بوسائل العصر الحديثة من اتصالات ورفاهية، وضمور كبير في الشراكة في خدمة المنزل، ومع عدم تذكير الأم الكافي، بأن هناك مسئوليات ستترتب عليها في مستقبل حياة ابنتها الزوجية، من تفاهم مع الزوج واستعداد لوضع المنزل.

فان الفتاة قد تتثاقل هذه الصدمة، في تحقيق متطلبات المنزل، وبالتالي يرتد اليها عُنصر النقص، في وعي التعامل مع طبائع الزوج الجديدة، حين تفتقد الى أبجديات واجبات الحياة المنزلية، وهي عوامل سريعة التأثير في تعجيل الاشتباك السلبي، ومع عدم الخبرة يتحول الخلاف البسيط، في عقل الشاب أو الشابة، إلى انه قضية غير قابلة للمعالجة، ويجب وضع حد له.

وفيما يتعلق بالشاب، فقد يكون مرّ بمرحلة تُهيؤه للزواج في الجانب المادي أثقلته، أو أثقلت عائلته، وهو ينتظر لحظات السعادة والاستجابة السريعة، من الزوجة العروس الجديدة، دون تقدير لمعنى الشراكة بعد مرور الأيام الأولى، أو التدرّج في تفهّم حاجة الشابة إلى تطوير مسؤوليتها، ومشاركتها التدريجية التي تحتاج إلى سنوات.

فيما تَفهّم الشريكان ومداومة الحب والإعجاب بينهما، حتى مع وجود تقصير، يعطيهما فرصة الاستمتاع بتطور الحياة الزوجية وصولاً إلى مرحلة النضوج، ومسئولية أهل الشاب هنا في أن يقوموا بالتوعية له، وتذكيره بضرورة الصبر، والجمع بين الود والحب الزوجي، والتوجيه اللطيف المؤدب، والمشاركة الوجدانية والعملية مع شريكة عمره وأم أطفاله مستقبلاً، وأنّ إدارة هذه الحياة والتعامل مع الزوجة لا يتم بالريموت كنترول، إنما بالتفهّم وتجاوز هذه المنعطفات، بالتوجيه الصحيح الراشد المعتدل المراعي لحقوقه، والتفهم والمبادرة لحقوقها، ودوما نقول له أغرق فتاة احلامك بالثناء والحب والإعجاب، تكسب قلبها.

أمطرها بجرعات من التعبير الغزلي، ومشاعر الرومانسية الصادقة، المهمة لبناء بيت الحب، ليستقر منزلكما، وهي الشجاعة الحقيقية للزوجين والنجاح الكبير لعائلتيهما، وليس التفرق أو الانفصال بعد التجربة الأولى، ونعود ونُذكّر بأهمية التوعية، لما قبل الزواج في حديث الأب لابنه والأم لابنتها، من خلال دورة منزلية يتلقّاها الأبناء عبر شهور عبر التوجيه الذكي من والديهما، وقد تكون أكثر من شهور لتساعدهم في تفهم المسئوليات، لكلٌ من الطرفين فتنجح حياتهما.

وهنا دعوةُ قلب اختم بها، لعلنا نساهم في الحفاظ على بيوتنا من أعاصير الطلاق والخلاف، وندفع لحياة زوجية أفضل تنجح بالأسرة والمجتمع معاً، بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير.

copy short url   نسخ
17/11/2024
40