أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بالبراءة لصالح ثلاثة متهمين مقيمين من جنسيات مختلفة، الذين واجهوا اتهامات بالاشتراك في عملية احتيال مالي باستخدام وسائل تقنية المعلومات وشبكة الإنترنت.
القضية بدأت في أبريل 2024 بعد تلقي إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية والإلكترونية بلاغاً يفيد بتورط أشخاص في عمليات احتيال مالي عبر الإنترنت، حيث استند البلاغ إلى معلومات من مصادر سرية تشير إلى أن المتهمين يشتركون في أنشطة مالية مشبوهة وغير مشروعة، حيث يتم تداول الأموال وتحويلها بين حسابات متعددة، بعضها تابع لأشخاص مجهولين في الخارج، عبر وسطاء محليين. وكانت طبيعة عمل المتهمين تتضمن استلام وتسليم مبالغ مالية، والتي يشتبه في أنها متحصلة من عمليات احتيال.
وتمكنت الشرطة من ضبط المتهمين في تواريخ مختلفة مع حيازتهم لمبالغ مالية وهواتف محمولة تحتوي على أدلة تقنية، وفي التحقيقات الأولية، ادعى المتهم الأول أنه تعرض للخداع بعد أن تواصل مع شخص عبر "فيسبوك” وعرض عليه العمل كمندوب معاملات مالية، حيث تم توجيهه لشراء شرائح هواتف وربط حسابه البنكي بحسابات أخرى، ومن ثم تلقى مبالغ مالية قام بتحويلها إلى حسابات خارجية دون معرفة مصدرها الحقيقي، وكذلك قام بتسليم بعض الأموال لمندوب تابع لهذا الشخص.
المتهم الثاني، ذكر في التحقيقات أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من شخص ادعى أنه موظف لدى بنك قطر الوطني وأبلغه بفوزه بجائزة، ليطلب منه بعدها العمل مع البنك كمندوب للحصول على الجائزة وعمولة أخرى بعد القيام بسحب أموال يتم إرسالها إلى حسابه الشخصي وتسليمها لشخص مجهول مقابل عمولة. بينما ذكرت المتهمة الثالثة، أنها أيضا تلقت اتصالاً مماثلاً وطلب منها المتصل القيام بنفس العملية وزودت المتصل بتفاصيل حسابها البنكي، وقامت بسحب مبالغ مالية جرى تحويلها إليها وتسليمها بناء على طلب المتصل لأشخاص لا تعرفهم، مدعية أنها لم تكن على علم بعملية الاحتيال.
وفي جلسات المحكمة حضرت المتهمة الثالثة ومعها المحامية زينب محمد والتي قدمت مذكرة طالبت خلالها ببراءة موكلتها لعدم توافر أي طرق احتيالية قامت بها المتهمة كما هو ثابت وفقاً للأوراق، كما دفعت المحامية بعدم توافر واقعة النصب وانتفاء التهمة وانعدامها.
وقال المحكمة في حيثيات حكمها بالبراءة إنه بعد الاستماع للمرافعات واستعراض الأدلة، رأت المحكمة أن النيابة العامة لم تتمكن من تقديم أدلة قاطعة تربط المتهمين بالاحتيال، حيث إن التحريات والتحقيقات لم تقدم سوى قرائن غير كافية لإثبات التهمة بشكل يقيني.
وأكدت المحكمة على أهمية توفر دليل قاطع وجازم لإدانة المتهمين في مثل هذه الجرائم، مشيرة إلى أن الأدلة يجب أن ترتكز على اليقين وليس على الشكوك أو القرائن الضعيفة.
المحكمة أخذت في اعتبارها أيضاً دفاع المتهمين الذين أكدوا عدم علمهم بعملية الاحتيال وأنهم كانوا مجرد ضحايا لخداع من قبل أشخاص مجهولين، حيث استند الدفاع إلى سوابق قضائية تؤكد على أن الشك يُفسر لصالح المتهم، وهو ما دفع المحكمة إلى الحكم بالبراءة.
وأوضحت المحكمة أن الإدانة يجب أن تُبنى على أدلة ثابتة لا تقبل الشك، وأنه في حال وجود شك في صحة الأدلة المقدمة، فإن الحكم يجب أن يكون لصالح المتهم، مشيرة إلى أن التحويلات المالية التي تمت إلى حسابات بأسماء المتهمين لم تكن دليلاً كافياً على اشتراكهم في الجريمة، بناء على ذلك، قضت المحكمة ببراءة جميع المتهمين من التهم المنسوبة إليهم لعدم كفاية الأدلة.