- بشرى المقطري
أفضت الهزات السياسية والاجتماعية التي شهدها اليمن، في العقود الأخيرة، إلى صعود قوى دينية، مثل جماعة الحوثي (أنصار الله)، في مقابل تشرذم قوى اجتماعية تقليدية، كـ «القبائل اليمنية»؛ فبقدر ما حوّلت الحرب جماعة الحوثي إلى طرف رئيس من أطرافها، وكان ذلك أعلى مرحلة في صيرورة الجماعة، فقد كرّست الحرب تشرذم القبائل اليمنية، وحوّلتها إلى بيدق تستأجره أطراف الصراع اليمنية والإقليمية، شكلا أخيرا لضعف القبيلة، وتغير دورها الوظيفي.
تميزت علاقة القبائل بجماعة الحوثي بمنحى تاريخي تصادمي، فما حكم علاقتهما على الدوام أن ضعف أحدهما كان سبباً في قوة الآخر وتغلّبه، وهو ما جعل الرئيس السابق علي عبدالله صالح يوظفه في حروبه الداخلية، في حين تتشابه القوتان في علاقتهما المضطربة بالدولة اليمنية، إذ طالما توسعتا على حساب ضعف الدولة، وخاضتا صراعاً مريراً مع بعضهما لوراثة الدولة في مناطقهما، ولجأتا أحياناً إلى تهدئة الصراع بينهما، بمقتضى توازن القوى بينهما، أو في حال بروز قوة الدولة اليمنية في مناطقهما. اللافت في سياق تحولات هاتين القوتين هو انضواء القبائل في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، طواعيةً أو قسراً، تحت سلطتها، وكان ذلك نتيجة للمتغيرات السياسية التي حكمت تموضعات القبائل في مرحلة ما بعد مقتل صالح، إلا أن الانتصارات العسكرية للسلطة الشرعية والتحالف العربي في أكثر من جبهة، بما في ذلك جبهة الساحل الغربي وأطراف مدينة الحديدة، فرضت على جماعة الحوثي واقعاً جديداً، هو حاجتها للقبائل في المناطق الخاضعة لها، بسبب حاجتها لمقاتلي القبائل، وهو ما يجعل مصير حروب الجماعة مرهوناً بتقديرات القبائل وحساباتها السياسية.
إن علاقة مضطربة، كعلاقة الحوثيين بالقبائل اليمنية، جعلت طرفي العلاقة محكومين بالظروف المحيطة بهما، أكثر من تقيّدهما بأي تقاليد تحالفية، فمنذ صعودها قوة مقاتلة في شمال الشمال، دخلت جماعة الحوثي في مواجهات مع القبائل في تلك المناطق، ودفعت القبائل بمقاتليها في
معاركها ضد الجماعة، وكان تحرّك القبائل ضد توسّع الجماعة محكوماً بدفاعها عن مناطقها في المقام الأول، ورفضها منازعتها السلطة في تلك المناطق التي تتنافسان على مجالها الاجتماعي، إضافة إلى تناقض هويتهما التاريخية، ونظرتها الدونية لها باعتبارها جماعة متغلبة، لا تحترم سلطة القبائل في مناطقهم، وحتى مع حياد القبائل حيال تمدد الجماعة إبّان تحالفها مع صالح، وتسهيلها مرور مقاتلي الجماعة لإسقاط العاصمة صنعاء، فقد غلب التحفظ على موقف القبائل تجاه تمدد الجماعة، فيما لعب صالح طوال تحالفه مع جماعة الحوثي دور الوسيط بينها وبين القبائل.
(يتبع)
أفضت الهزات السياسية والاجتماعية التي شهدها اليمن، في العقود الأخيرة، إلى صعود قوى دينية، مثل جماعة الحوثي (أنصار الله)، في مقابل تشرذم قوى اجتماعية تقليدية، كـ «القبائل اليمنية»؛ فبقدر ما حوّلت الحرب جماعة الحوثي إلى طرف رئيس من أطرافها، وكان ذلك أعلى مرحلة في صيرورة الجماعة، فقد كرّست الحرب تشرذم القبائل اليمنية، وحوّلتها إلى بيدق تستأجره أطراف الصراع اليمنية والإقليمية، شكلا أخيرا لضعف القبيلة، وتغير دورها الوظيفي.
تميزت علاقة القبائل بجماعة الحوثي بمنحى تاريخي تصادمي، فما حكم علاقتهما على الدوام أن ضعف أحدهما كان سبباً في قوة الآخر وتغلّبه، وهو ما جعل الرئيس السابق علي عبدالله صالح يوظفه في حروبه الداخلية، في حين تتشابه القوتان في علاقتهما المضطربة بالدولة اليمنية، إذ طالما توسعتا على حساب ضعف الدولة، وخاضتا صراعاً مريراً مع بعضهما لوراثة الدولة في مناطقهما، ولجأتا أحياناً إلى تهدئة الصراع بينهما، بمقتضى توازن القوى بينهما، أو في حال بروز قوة الدولة اليمنية في مناطقهما. اللافت في سياق تحولات هاتين القوتين هو انضواء القبائل في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، طواعيةً أو قسراً، تحت سلطتها، وكان ذلك نتيجة للمتغيرات السياسية التي حكمت تموضعات القبائل في مرحلة ما بعد مقتل صالح، إلا أن الانتصارات العسكرية للسلطة الشرعية والتحالف العربي في أكثر من جبهة، بما في ذلك جبهة الساحل الغربي وأطراف مدينة الحديدة، فرضت على جماعة الحوثي واقعاً جديداً، هو حاجتها للقبائل في المناطق الخاضعة لها، بسبب حاجتها لمقاتلي القبائل، وهو ما يجعل مصير حروب الجماعة مرهوناً بتقديرات القبائل وحساباتها السياسية.
إن علاقة مضطربة، كعلاقة الحوثيين بالقبائل اليمنية، جعلت طرفي العلاقة محكومين بالظروف المحيطة بهما، أكثر من تقيّدهما بأي تقاليد تحالفية، فمنذ صعودها قوة مقاتلة في شمال الشمال، دخلت جماعة الحوثي في مواجهات مع القبائل في تلك المناطق، ودفعت القبائل بمقاتليها في
معاركها ضد الجماعة، وكان تحرّك القبائل ضد توسّع الجماعة محكوماً بدفاعها عن مناطقها في المقام الأول، ورفضها منازعتها السلطة في تلك المناطق التي تتنافسان على مجالها الاجتماعي، إضافة إلى تناقض هويتهما التاريخية، ونظرتها الدونية لها باعتبارها جماعة متغلبة، لا تحترم سلطة القبائل في مناطقهم، وحتى مع حياد القبائل حيال تمدد الجماعة إبّان تحالفها مع صالح، وتسهيلها مرور مقاتلي الجماعة لإسقاط العاصمة صنعاء، فقد غلب التحفظ على موقف القبائل تجاه تمدد الجماعة، فيما لعب صالح طوال تحالفه مع جماعة الحوثي دور الوسيط بينها وبين القبائل.
(يتبع)