انطلقت أمس؛ أعمال الأكاديمية الدولية للمرأة الرائدة في دورتها الثانية تحت عنوان «القيادة في العصر الرقمي» وتستمر على مدار 4 أيام حتى نوفمبر 2024، وسط تمثيل وطني وإقليمي ودولي كبير، وذلك بتنظيم مشترك من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام بالأمم المتحدة والوكالة الألمانية للتعاون الدولي.
وفي كلمتها الافتتاحية قالت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان؛ رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان: «إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتمكين النساء والفتيات رقمياً»، مشيرة إلى أن الوصول إلى عالم أكثر استدامة وعدالة يتطلب ضمان المشاركة الفعالة للمرأة في صنع السياسات واتخاذ القرارات، وقالت العطية: «هنالك ثمة خيطٌ ناظمٌ بين تمكين وريادة المرأة في العصر الرقمي وبين تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 والقرارات الأخرى ذات الصلة، فدور المرأة في الوقاية من النزاعات وفي صناعة السلام ومشاركتها في جهود الإغاثة والإنعاش وإعادة الإعمار صارت مسألة هامة وذات أولوية في ظل ما يعيشه العالم من حروب مدمرة تدفع فيها النساء ثمناً باهظاً»، لافتة إلى أن النزاعات المسلحة بصفة عامة تُفاقِم من تهميش المرأة في جميع المجالات.
وشددت العطية على ضرورة التزام الدول اليوم بتعزيز وصول النساء والفتيات للتكنولوجيا الرقمية والاستفادة منها في مجال تعزيز القدرات القيادية والوصول للمعلومات وخلق منصات للتفاعل والتشبيك وتبادل التجارب والخبرات فيما بينهن، إلى جانب العمل على حمايتهن من جميع أشكال العنف الرقمي وحمايتهن من التنميط والتحيزات على المنصات الرقمية، ونوهت العطية إلى الأدوار المتعددة إلى تلعبها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من خلال رصدها للتشريعات ولمختلف التدابير والممارسات ذات الصلة وتقديم مرئياتها حولها، ومن خلال إجرائها لحوارات مثمرة بين جميع أصحاب المصلحة والهياكل الرسمية في مختلف قضايا حقوق الإنسان المُستَجِدة. وقالت: «بصفتي رئيسة للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر وللتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إنني أشجع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على مواصلة جهودها في الرصد والتقييم وتقديم التوصيات لمعالجة الفجوات، وأدعو إلى مزيد من التنسيق بين المؤسسات الوطنية فيما بينها لتبادل الخبرات والتجارب والممارسات الفضلى ذات الصلة بتعزيز ريادة النساء وتمكينهن من المشاركة الفعّالة في جميع المجالات.
من ناحيتها أشادت سعادة الدكتورة حمدة بنت حسن السليطي نائب رئيس مجلس الشورى بجهود ومبادرة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، وشركائها والتي وصفتها بالرائدة في تنظيم «أكاديمية المرأة الرائدة» على الصعيد الدولي. وقالت: «هذه المبادرة تهدف إلى المساهمة في تحقيق السلام والتنمية من خلال تعزيز مشاركة المرأة في عملية صنع القرار». وأضافت: «لا شك أن اختيار دولة قطر لإطلاق «أكاديمية المرأة الرائدة» دولياً، دليل على ثقة العالم في قطر وفي المنطقة والعالم العربي، ويعكس التزامها بتحقيق السلام والأمن الدوليين، كما يعكس، في الوقت ذاته، حرص الدولة على دعم المرأة وتعزيز دورها في مختلف المجالات التنموية». وأضافت: «تبقى المرأة دائماً وأبداً جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، بل هي حجر الأساس للتنمية المستدامة في المجتمعات؛ لأنها تمثل أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، وتتنوع أدوارها وتتعدد مسؤولياتها تجاه الأسرة والمجتمع».
وأكدت على ضرورة مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار من أجل تشكيل مستقبل أفضل للعالم، ومنطقتنا على وجه الخصوص، داعية إلى مزيد من الشراكات بين مختلف المؤسسات لإطلاق مبادرات أكاديمية، وتنفيذ برامج تدريبية متنوعة؛ لتعزيز قدرات وإمكانات النساء والفتيات في عمليات ومجالات صنع القرار.
وأشارت إلى التهميش والتمييز الذي تتعرض له المرأة على الرغم من دورها في أي مجتمع، وقالت السليطي: «تواجه المرأة العديد من التحديات والصعوبات التي تحبط طموحاتها وتعوق قدراتها تجاه المساهمة في مجالات التنمية. فضلاً عما تتحمله من عبء كبير في الحروب ومناطق النزاعات والكوارث». وفي ذات السياق أشارت السليطي إلى العدوان الغاشم الذي تقوده قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عام على قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي توسع منذ سبتمبر الماضي ليشمل لبنان. وقالت: «ما زال الاحتلال الإسرائيلي، وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري للشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك على الرغم من النداءات والمطالبات المتكررة للمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في وقف هذه الحرب الهمجية، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمقاضاة ومحاسبة إسرائيل ومسؤوليها على ارتكابهم لتلك الجرائم، إلا أن هذا المجتمع بقواه الكبرى ما زال يغمض عينيه ويصم أذنيه عن كل ما تقوم به دولة الاحتلال من مجازر مروعة». وأوضحت أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أصدر إحصائية تشير إلى أن حوالي 70 % من الضحايا ممن تم التحقق من وفاتهم في غزة من النساء والأطفال بعدد يزيد عن ثلاثين ألفاً. وقالت: «كذلك في الصيف الماضي، أشارت مسؤولة أممية زارت القطاع أكثر من 50 مرة أنه لا يوجد مكان آمن للنساء في غزة، وأن نحو مليون فتاة وامرأة في القطاع قد نزحن مرات عدة دون أن يعرفن ماذا ينتظرهن وهل سيبقين على قيد الحياة أم لا».
وفي ذات السياق أكد سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أنه من واجب المؤسسات الوطنية العمل على تعزيز دور المرأة وحقوقها من خلال التوعية والتثقيف والتدريب ومراجعة القوانين والسياسات واقتراح تعديلها، واعتماد قوانين وسياسات تعزز حقوق المرأة وضمان تمثيلها العادل في المؤسسات السياسية، إلى جانب رصد ومناهضة خطاب الكراهية والنمطية التي تواجهها، من خلال برامجها التوعوية التي تهتم بنشر ثقافة حقوق الإنسان، كتنظيم حملات توعية وتثقيف للمرأة وللمجتمع عامة حول أهمية المشاركة المرأة السياسية وحقوقها السياسية والاقتصادية والثقافية. فضلاً عن تعزيز الوعي في المدارس والجامعات ومن خلال الحث على تطوير المناهج التي تتضمن تعزيز دور المرأة في الحياة العامة. والعمل على التثقيف على المستوى الشعبي بهذه المبادئ بما يُسهم برفع الوعي للوصول إلى تغيير القناعات والمواقف تجاه المرأة ضمن المجتمعات وبما يعزز دورها ومشاركتها الاجتماعية والسياسية.
وقال الجمالي: «تعمل الشبكة العربية على بناء ورفع قدرات المؤسسات الأعضاء بالرصد والتوثيق وإعداد التقارير الوطنية والدولية، لما نراه في ذلك من أداة رئيسية لمناهضة الانتهاكات والحد منها، كما نعمل على تهيئة الأدوات لنشر ثقافة حقوق الإنسان ضمن المجتمعات العربية، بما سيساهم بقبول الآخر وتعزيز حرية الرأي والتعبير، والتدرب من خلال مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان على ممارسة الديمقراطية».
وفي ذات السياق قالت السيدة مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام لشؤون إفريقيا: «لقد خلقت التطورات التكنولوجية السريعة في السنوات الأخيرة فرصاً وتحديات لتعزيز العمليات الشاملة والديمقراطية، والفجوات الرقمية داخل البلدان وفيما بينها»؛ وأشارت إلى أنه إذا لم تتم معالجة هذه الفجوة بشكل صحيح، فإن التطورات التكنولوجية الجديدة يمكن أن تؤدي إلى إدامة وتضخيم اللامساواة والتمييز والتضليل والعنف ضد المرأة، منوهة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سمة أساسية للعصر الرقمي، وأن تسخيرها لتحقيق الخير يمكن أن يعزز قيم الديمقراطية من خلال العمل كمحفز في تمكين وإشراك الأكثر ضعفاً وتهميشاً أو استبعاداً، ومشاركة المعلومات وحرية التعبير.
فيما قدمت السيدة ناجية هشيمي مستشارة مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تناولت من خلاله أبرز التحديات التي تواجه القيادة النسائية من حيث الأزمات المركبة على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي والصراع المتزايد حيث أشارت إلى أن 120 مليون شخص مشردين قسراً حتى مايو 2024 إلى جانب التقدم الرقمي غير المسبوق، وأوضحت هشيمي أن أكثر من نصف سكان العالم يشاركون في التفاعلات الاجتماعية الرقمية 4.8 مليار شخص، وأشارت هشيمي إلى الارتفاع السريع في الكراهية والمضايقات عبر الإنترنت والتي بلغت 40 % في عام 2022 ووصلت إلى 52 % في عام 2024. إلى جانب استمرار عدم المساواة في مشاركة النساء وقالت: «فقط 26.5 % من المقاعد البرلمانية تشغلها النساء و31 دولة لديها امرأة تشغل منصب رئيس الدولة، 25 % من النساء يعملن في الشركات التقنية العالمية». وقدمت هشيمي شرحاً حول الأكاديمية الدولية للمرأة الرائدة وأهدافها وأساليب عملها.