حرب الإبادة في غزة مستمرة، حيث المجازر والمذابح والقصف المتواصل، والإعدامات الجماعية والحصار المطبق من كل الجهات، والتدمير والخراب الشامل، وسط غياب تام لكل المؤسسات الدولية، وكل الهيئات الأممية، فيما يشبه الخرس التام الذي أصاب القانون الدولي، ويمنح الاحتلال غطاء لمواصلة حربه المستعرة، ومواصلة عمليات الإبادة والتطهير العرقي.

كيف يموت الضمير الدولي فجأة، وكيف تخرس كل المواثيق والقوانين، وكيف تصغر المؤسسات الدولية ويصغر مجلس الأمن أمام عنجهية القتل والإبادة، وأمام وحشية المقتلة التي يتعرض لها الناس في غزة، وأمام حكومة التطرف التي تواصل حربها وتواصل قتلها وسياساتها العنصرية، وهي تستمد من حالة الصمت الدولي شرعية لكل عملياتها وممارساتها، كما تنتهز حالة الضعف الإقليمي لمواصلة الإبادة تحت وقع الحصار، وتحت عين العالم الذي يرى بعيون أميركية منحازة.

غزة اليوم وسط الكارثة منذ أكثر 408 أيام، تعيش ظروفا مستحيلة، وتنتظر تدخلا دوليا يوقف هذه المقتلة، والناس بلا حول لهم حيث يطاردهم شبح الموت والاغتيال، وتلاحقهم الطائرات في كل الجهات، وأينما ذهبوا وحيثما كانوا أُسقطت عليهم القنابل والصواريخ، وبين ساعة وأخرى ترتفع أعداد الشهداء والمصابين، بينما يسود الصمت الدولي على هذا النحو المريب، وهذه الصورة المقيتة، حيث الناس في غزة فقدوا الأمل بالمجتمع الدولي والعربي والإقليمي وبقدراتهم على التدخل لوقف المقتلة.

الموقف الدولي العاجز عن وقف عمليات الإبادة، وصمة عار على جبين الإنسانية، واستمراره يعني أنه شريك في المقتلة.

من المعيب أن يبقى الصوت الدولي على حاله، ومن المعيب أكثر أن تبقى المؤسسات الدولية والقانون الدولي، وهيئات الأمم ومجلس الأمن عاجزا عن وقف هذه الإبادة، وأن يبقى مختبئا بعيدا عن ممارسة أيّ دور حقيقي وفاعل لوقف هذه المقتلة، وأن يبقى الرهان على أن العالم سيصحو من غفلته، وسيخرج عن صمته، وسيوقف الحرب، وهذا الرهان عمره أكثر من 408 أيام ولا تزال الإبادة مستمرة. فهل من المفيد أن نبقى نتساءل عن الأدوار الغائبة؟ أليست هذه حقيقة العالم وقد كشف عن وجهه الحقيقي! أليست هذه هي الحقيقة التي علينا أن نراها، وأن نعي أن العالم منحاز وليس عادلا، بل يقف ضد القضايا العادلة، ويتخذ لنفسه هذا الحياد الأعمى.{القدس الفلسطينية