شمال غزة- الأناضول- يواصل الجيش الإسرائيلي ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين الذين رفضوا أوامر النزوح والتهجير القسري من محافظة الشمال بقطاع غزة.

بحسب شهود عيان للأناضول، يتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف البنايات السكنية التي تضم داخلها عشرات الأهالي والنازحين، ما يوقع أعدادا كبيرة من الضحايا بين قتلى ومصابين.

وأوضح الشهود، أمس، أن «شابين فلسطينيين قتلا في قصف جوي ومدفعي إسرائيلي عنيف ومستمر على مخيم جباليا».

كما استهدف قصف مدفعي إسرائيلي منطقة الميدان في مشروع بيت لاهيا، تزامنا مع إطلاق نار كثيف وقصف مناطق متفرقة بالقنابل الضوئية.

وأفاد الشهود بتفجيرات شديدة ناجمة عن عملية نسف الجيش الإسرائيلي لمباني ومربعات سكنية شمالي قطاع غزة.

وفي 5 أكتوبر/‏ تشرين الأول الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحا بريا شمال قطاع غزة؛ بذريعة «منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة».

بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.

وتستمر المجازة الإسرائيلية بالقطاع في ظل غياب تام لخدمات جهازي الإسعاف والدفاع المدني اللذين خرجا عن الخدمة إثر استهداف الجيش الإسرائيلي لهما منذ أسابيع.

وقال الدفاع المدني، في بيان، الاثنين، إن «عدد شهدائه بلغ 85، إلى جانب 301 مصاب، و20 معتقلا من قبل قوات الجيش الإسرائيلي».

وأشار إلى «تدمير 17 مركزا ومقرا تابعا له، منها 14 مركزا دُمرت بشكل كلي، و3 تضررت جزئيا، إضافة إلى تعرض 56 مركبة للتدمير أو أضرار».

وفي 23 أكتوبر/‏ تشرين الأول الماضي، أخرج جيش الاحتلال منظومة الدفاع المدني عن العمل في محافظة شمال قطاع غزة بعد تدميرها بالكامل، مما أجبر الطواقم على النزوح إلى المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع.

واستشهد، الأحد، نحو 67 فلسطينيا وأصيب آخرون، فيما لا يزال عدد من المفقودين تحت الأنقاض إثر قصف إسرائيلي استهدف منازل في بيت لاهيا بشمال غزة.

آخر المنازل المأهولة المستهدفة، كان لعائلة «غباين» الواقع بمنطقة «مشروع بيت لاهيا» وكان داخله أكثر من 50 شخصاً وقت قصفه من قبل الطائرات الإسرائيلية، فجر الأحد.

محمود عويضة الذي يقطن بجوار المنزل المستهدف، قال للأناضول: «القصف الإسرائيلي طال منزل عائلة غباين وقت الفجر تقريبا، وأحدث انفجارا ضخما دمر البيت المكون من عدة طوابق بشكل كامل».

وأوضح عويضة أن «المنزل كان مأهولا، وتسكنه عدد من العائلات التي نزحت من مناطق مخيم جباليا وتل الزعتر بسبب التقدم الإسرائيلي البري بتلك المناطق وقوامها أكثر من 50 فردا».

وأضاف: «معظم من كانوا بالمنزل هم نساء وأطفال، وجميعهم صاروا تحت الركام، ولم يتبقَ أي أثر يدل عليهم سوى بعض الأشلاء التي تطايرت بالشارع وعلى أسطح المنازل المجاورة».

وتابع: «لا يوجد إسعافات ولا خدمات طبية تساعد في انتشال جثث الشهداء ومعرفة إذا ما كانوا لا يزالون على قيد الحياة».

وذكر عويضة أن «جيران المنزل يحاولون منذ الصباح الباكر نبش الركام للبحث عن جثث شهداء أو مصابين أو أحياء دون توفر أي معدات تساعدهم على ذلك».

على بعد عشرات الأمتار من المنزل الأول، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزل عائلة «عبد العاطي» الذي يسكنه إلى جانب أهله عدد من العائلات النازحة.

وقال الصحفي عبد الحميد عبد العاطي، في حسابه عبر منصة فيسبوك: «قصف جيش الاحتلال منزل عائلتي في بيت لاهيا وتم تدميره على رؤوس ساكنيه، ما أدى لاستشهاد عدد من النازحين داخله وأصيب أخي وأفراد عائلته بإصابات مختلفة».

وأردف أن هذا الاستهداف هو «الخامس» لمنزل عائلته منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر/‏ تشرين الأول 2023.

وذكرت مصادر طبية لمراسل الأناضول أن «الحصيلة الأولية لعدد الشهداء في منزل عائلة عبد العاطي هو 15 شهيدا على الأقل، مع وجود مفقودين تحت الركام».

فادي أبو الجديان، كان من أول الواصلين لمكان الاستهداف، ليل الأحد، قال للأناضول: «تم قصف المنزل عند الساعة 2 بعد منتصف الليل تقريبا، وحينما وصلت للمكان كانت أصوات كثيرة تخرج من تحت الركام».

وزاد: «وصل عدد آخر من الأهالي للمكان وحاولنا بأقل الإمكانيات انتشال الشهداء والمصابين، في ظل غياب تام للمعدات وأجهزة الإسعاف والدفاع المدني، ونقلنا حملا على الأكتاف أشخاصا إلى مستشفى كمال عدوان الذي يعمل جزئيا في مشروع بيت لاهيا».

ويصف أبو الجديان مشاهد انتشال الضحايا بأنها «مروعة»، قائلا إن «أطفالا ونساء تحولوا إلى أشلاء، دون أي ذنب، والعالم لا يزال يتفرج على المذبحة».