+ A
A -
أتى رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: إني مجهود.
فأرسلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى بعض نسائه يسألها إن كان عندها طعامٌ في البيت حتى يأتيَ بالضيفِ، فقالتْ: والذي بعثكَ بالحقِّ ما عندي إلا ماء! فأرسل إلى زوجاته جميعاً، حتى قُلْنَ كُلُّهُنَّ: والذي بعثكَ بالحقِّ ما عندي إلا ماء!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لجُلسائه: من يضيفُ هذا الليلة رحمه الله؟
فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله!
فانطلقَ به إلى بيته، وقال لزوجته: هذا ضيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهيِّئي له الطعام.
فقالتْ: ما عندي إلا طعامُ أولادي!
فقال لها: نوِّمي أولادك، ثم ضعي الطعام، فإذا مدَّ يده ليأكل فقومي إلى السِّراج فأطفئيه، ثم تعالي نُوهمه أننا نأكل معه حتى يكفيه الطعام فيشبع!
ففعلتْ مثلما أمرها، فشبعَ الضيف، وباتا جائعين!
فلما أصبح غدا إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له: عَجِبَ الله من صنيعكما! وأنزل فيكما قرآناً: «ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون»!
الدنيا دولاب والزمن دوَّار، اليومَ معكَ مال وغداً قد لا تجده، واليوم لا تجده وغداً قد تثرى! لا الفقر عيبٌ ولا الغِنى سُبة، المهم هو أخلاق المرء في غناه أو فقره، المهم ما في قلبه لا ما في جيبه! تخيَّلوا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يجِدْ في بيت واحدة من زوجاته طعاماً يُقري به ضيفه! إياك أن تعتقد أن الفقر عقوبة، أو أن الغِنى جائزة، كل ما في الأمر أن الدُّنيا امتحان، فإياك أن ترسبَ مهما كانتْ أسئلة الامتحان!
النبيلُ هو الذي يُبادر ليسُدَّ حاجة غيره ولا يُحرجه فيظهر بمظهر المُقصِّر! من النُّبلِ إذا علمتَ بمرض أحدٍ في بيت جارٍ فقيرٍ أن تُعينه دون أن يطلب، أنتَ تعرفُ حاله، وبعضُ الناس تمنعه كرامته أن يطلب، وأجمل العطاء هو الذي يرحمُ الكرامة ويحفظُ ماء الوجه!
من النُّبلِ إذا أُقيم عزاءٌ لفقراء تعرفهم أن تُساهم معهم في تكاليفِ العزاء، أو أن تشتريَ لهم بعض حاجياته ومُتطلباته كي لا تُحرجهم أمام الناس فيظهرون بمظهر المُقصِّر والمحتاج، هذا لا يدخل في باب الصدقة فقط وإنما في باب السِّتر أيضاً، ويا لحُبِّ اللهِ للسِّتيرين من عباده!
العطاءُ أدبٌ أيضاً، فأن تحرمَ إنسانا من صدقتك أفضل من أن تُعطيه إياها على ملأ فتجرح كرامته وتُشعره بالحرج، و?نظُرْ لأدب الأنصاري عندما علِم أن الطعام قليل، طلبَ من زوجتِه أن تُطفئَ السِّراج لأن الضيف سيشعر بالحرج ولن يأكل لو رأى أن الطعام لا يكفي للجميع!
رفعُ الحرج من جبر الخواطر، وجبر الخواطر عبادة!بقلم: أدهم شرقاوي
فأرسلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى بعض نسائه يسألها إن كان عندها طعامٌ في البيت حتى يأتيَ بالضيفِ، فقالتْ: والذي بعثكَ بالحقِّ ما عندي إلا ماء! فأرسل إلى زوجاته جميعاً، حتى قُلْنَ كُلُّهُنَّ: والذي بعثكَ بالحقِّ ما عندي إلا ماء!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لجُلسائه: من يضيفُ هذا الليلة رحمه الله؟
فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله!
فانطلقَ به إلى بيته، وقال لزوجته: هذا ضيف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهيِّئي له الطعام.
فقالتْ: ما عندي إلا طعامُ أولادي!
فقال لها: نوِّمي أولادك، ثم ضعي الطعام، فإذا مدَّ يده ليأكل فقومي إلى السِّراج فأطفئيه، ثم تعالي نُوهمه أننا نأكل معه حتى يكفيه الطعام فيشبع!
ففعلتْ مثلما أمرها، فشبعَ الضيف، وباتا جائعين!
فلما أصبح غدا إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له: عَجِبَ الله من صنيعكما! وأنزل فيكما قرآناً: «ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون»!
الدنيا دولاب والزمن دوَّار، اليومَ معكَ مال وغداً قد لا تجده، واليوم لا تجده وغداً قد تثرى! لا الفقر عيبٌ ولا الغِنى سُبة، المهم هو أخلاق المرء في غناه أو فقره، المهم ما في قلبه لا ما في جيبه! تخيَّلوا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يجِدْ في بيت واحدة من زوجاته طعاماً يُقري به ضيفه! إياك أن تعتقد أن الفقر عقوبة، أو أن الغِنى جائزة، كل ما في الأمر أن الدُّنيا امتحان، فإياك أن ترسبَ مهما كانتْ أسئلة الامتحان!
النبيلُ هو الذي يُبادر ليسُدَّ حاجة غيره ولا يُحرجه فيظهر بمظهر المُقصِّر! من النُّبلِ إذا علمتَ بمرض أحدٍ في بيت جارٍ فقيرٍ أن تُعينه دون أن يطلب، أنتَ تعرفُ حاله، وبعضُ الناس تمنعه كرامته أن يطلب، وأجمل العطاء هو الذي يرحمُ الكرامة ويحفظُ ماء الوجه!
من النُّبلِ إذا أُقيم عزاءٌ لفقراء تعرفهم أن تُساهم معهم في تكاليفِ العزاء، أو أن تشتريَ لهم بعض حاجياته ومُتطلباته كي لا تُحرجهم أمام الناس فيظهرون بمظهر المُقصِّر والمحتاج، هذا لا يدخل في باب الصدقة فقط وإنما في باب السِّتر أيضاً، ويا لحُبِّ اللهِ للسِّتيرين من عباده!
العطاءُ أدبٌ أيضاً، فأن تحرمَ إنسانا من صدقتك أفضل من أن تُعطيه إياها على ملأ فتجرح كرامته وتُشعره بالحرج، و?نظُرْ لأدب الأنصاري عندما علِم أن الطعام قليل، طلبَ من زوجتِه أن تُطفئَ السِّراج لأن الضيف سيشعر بالحرج ولن يأكل لو رأى أن الطعام لا يكفي للجميع!
رفعُ الحرج من جبر الخواطر، وجبر الخواطر عبادة!بقلم: أدهم شرقاوي