+ A
A -
في طريق عودة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من غزوة تبوك، قال لأصحابه: «إنَّ في المدينة رجالاً ما سِرتُم مسيراً، ولا قطعتُم وادياً إلا كانوا معكم، وشركوكم في الأجرِ حبسَهُم العُذر»!
نِيَّةُ المؤمنِ خيرٌ من عملِه، وعملُ المنافقِ خيرٌ من نيته!
كم صلَّى ابن سلول خلف النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجد فلم تنفعْه صلاته لأن هذا العمل الجميل كان خلفه نية قبيحة!
وكم قالَ الأخنسُ بن شريق الثقفي كلاماً جميلاً ولكنَّ قلبه كان فاسداً، فنزلَ فيه قول الله تعالى: «ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام»!
وكم أظهرَ الجد بن قيس الورع، حتى أنه تذرَّع بعدم الخروج للجهاد خشية أن يرى نساء الروم فيفتنوه عن دينه، حتى عرَّى الله ورعه الكاذب فقال فيه: «ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا…»!
صلاةٌ لم تنفعْ، وكلامٌ حَسَنٌ لم يشفعْ، وورعٌ لم يرفَعْ، ذلك أن القلوب فاسدة، وإن الله ينظرُ إلى القلوب!
بالمُقابل حُرِمَ بعض الصحابة من تلك الغزوة، فكتبَ الله سبحانه لهم الأجر كاملاً!
المريضُ الذي كان يتقلَّبُ على فراشه ويتحسَّرُ كيف فاتته تلك الغزوة، وأنه لو كان صحيحاً لشاركَ فيها، كتبَ الله له أجر الغزوة، وما سارَ الصحابة مسيراً، إلا وكان له من الأجر مثل ما كان لهم!
الفقيرُ الذي كان يتجرَّعُ بمرارةٍ بقائه في المدينة لأنه لم يجدْ ثمن ناقةٍ يُسافرُ عليها، وأنه لو كان معه لما تخلَّف، نظرَ اللهُ إلى قلبه، وعَلِمَ صدقَ ما فيه، فأعطاه الأجر غير منقوص، كان الصحابة يقطعون الوديان، ويُكابدون حرَّ الشمس، وهو في بيته يُشاركُهم في الأجر!
كلُّ مريضٍ مُتعثِّرٍ يُجمع له مال وأنتَ لا تستطيع أصلِحْ نِيَّتَكَ أنكَ لو كان معكَ ما ترددتَ في المشاركة، وإن عَلِمَ الله صدقكَ كتبَ لكَ أجر المشاركين، ولكن إياكَ أن يُغنيك لاحقاً ليمتحنكَ، فيراكَ تتخلَّف!
كلُّ مظلومٍ لم تستطِعْ أن ترفعَ عنه الظلم لضعفكَ وعجزكَ، أصلِحْ نِيَّتَكَ أنكَ لو كنتَ قادراً لقُمْتَ بنجدته، وإن علِمَ اللهُ صدقكَ فسيكتبُ لكَ الأجر كاملاً، ولكن إياك أن يُعطيك القدرة بعد ذلك ليمتحنك فيراك ترسبُ!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
30/07/2020
3864