الدوحة- قنا- نظم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، بالتعاون مع هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، أمس، مؤتمرا بعنوان «نحو تكامل فعال: تعزيز تأثير البحث العلمي في واقع الممارسة الميدانية في القطاع الثالث»، بمشاركة مختصين وأكاديميين من قطر والوطن العربي ودول العالم.. وبحث المشاركون بالمؤتمر سبل تعزيز إدماج البحوث في الممارسات التي يتبعها القطاع الخيري الإنساني والتنموي، بما يحقق تأثيرا ذا جودة عالية على أنشطته وبرامجه، بالإضافة إلى دراسة التجارب العالمية فيما يخص تفعيل وزيادة أثر البحوث في الممارسة الميدانية في القطاعات الإنسانية والتنموية، واستخلاص الدروس المستفادة منها.

ويهدف المؤتمر إلى تقديم تجارب ناجحة وأدوات ومنهجيات علمية لتحسين السياسات والابتكار، واتخاذ القرارات في المنظمات الإنسانية والتنموية، وتحديد أولويات النهج القائمة على الأدلة، واستكشاف التجارب والتحديات والفرص لإدماج البحوث في الأعمال الإنسانية والإنمائية في قطر، وتسليط الضوء على الجهات الفاعلة وأدوارها، واقتراح استراتيجيات لبناء القدرات وتعزيز التعاون بين الأكاديميين والممارسين الميدانيين في قطر، وتبادل المعرفة والخبرات بين الجهات المحلية والدولية.

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، أهمية جسر الفجوة بين العمل الأكاديمي والعمل الخيري، منوها إلى اكتساب هذا المؤتمر أهميته من كونه يسعى إلى تحويل اللغة الأكاديمية، إلى أخرى تتناسب مع العمل الميداني بالنسبة للقطاع الخيري، وبالشكل الذي يجعل العمل البحثي مفيدا للعمل الخيري والإنساني بشكل عام.

ولفت إلى أهمية المشاريع البحثية والعلمية فيما يتعلق بالإطار الإنساني بتحديد موازنات مبنية على براهين وأدلة علمية، بما يحقق ترشيد الموارد، مع ضرورة أن تواكب هذه المشاريع العمل الميداني، وأن تكون هناك مساحة وسيطة بين آليات البحث العلمي القائمة اليوم، وبين الميدان، بكل ما يحتاجه من قرارات مباشرة.

وأوضح الدكتور الأنصاري، أنه من الضروري توفر آليات تسهم في تحويل العملية البحثية إلى أداة لصانع القرار، بما يتناسب مع المدى الزمني، وذلك بأن يكون هناك عمل إستراتيجي في إطار تقييم وفهم وإعادة التصورات فيما يتعلق بالعمل الخيري والإنساني في العالمين العربي والإسلامي.

وشدد على أهمية أن تكون هناك إدارة سليمة ورشيدة للعمل الخيري في العالمين العربي والإسلامي تنطلق من البراهين والأدلة العلمية، «وهذا ما نطمح إليه في هذا المؤتمر»، منوها بأهمية مناقشاته في هذا السياق، لاسيما تلك التي ترمي إلى جسر الهوة بين العمل البحثي، والأخر الخيري والإنساني.

ووصف التعاون بين هيئة تنظيم الأعمال الخيرية ومركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في دولة قطر بأنه تجربة استثنائية، يجب البناء عليها، داعيا جميع المعنيين إلى الاستفادة من هذه التجربة، لتكون بداية لعمل أكثر دقة، وأكثر ميدانية، ومشددا على أهمية توفر مختصين أكاديميين من العنصر الشبابي في المؤسسات الخيرية، بما يحقق الانخراط في العمل الميداني والمشاريع البحثية في الوقت نفسه.

وفي سياق متصل، أكد الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، أهمية هذا المؤتمر في التنسيق بين القطاع الأكاديمي والعمل الخيري أو ما يعرف بالقطاع الثالث بشكل عام، فضلا عن رصده للعلاقة بين الإنتاج العلمي والبحث الأكاديمي والعمل الخيري، لما يمثله من أهمية بالغة في ترشيد الموارد، وتأكيد نجاح العمل الخيري والأثر الذي يقوم به، مما يعكس أهمية المؤتمر في تحقيق ذلك.

وأشار إلى أن دولة قطر تعتبر، في إطار مجال المساعدات الإنسانية والعمل الخيري، أحد أهم المانحين غير التقليديين عالميا، وهذا ما تشهد به المنظمات العالمية المختلفة، مما يعكس الدور البارز لدولة قطر في مجال العمل الإنساني.

ومن جهته، نوه الدكتور غسان الكحلوت مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، خلال كلمته في المؤتمر، بدور دولة قطر كنموذج رائد وفاعل في إطلاق ودعم المبادرات الإنسانية، وتركيزها على تعزيز الشراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية، بغرض تعزيز الاستجابة الإنسانية الفعالة في الأزمات المتعددة.

وقال «إن دولة قطر من خلال مبادراتها المتمثلة في هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، تعد نموذجا يحتذى به في تطوير الأطر القانونية وتعزيز الشفافية فيما يتعلق بالعمل الخيري، حيث تعمل الهيئة على الإسهام في تمكين المنظمات الخيرية على تعزيز منهجيات للقيام بدورها»، لافتا إلى تقاطع أهداف المركز مع أهداف الهيئة في جسر الهوة بين الجانب النظري والممارسة العملية بهدف تبادل الخبرات، وتعزيز واقع العمل الإنساني والتنموي.

وشدد على أهمية تعزيز العلاقة بين البحث العلمي والممارسات الميدانية لتحقيق استجابات أكثر كفاءة ومرونة بما يسد الفجوة بين العمل الأكاديمي والمهني، وعلى أهمية الدراسات في مجال البحث الميداني بما يسهم في تحقيق حلول أكثر استدامة، وبما يعزز التكامل بين الخبرات العملية والمهنية.

بدوره، قال السيد سعود محمد العذبة مدير إدارة الشؤون القانونية في هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إن الهيئة تقوم بالعديد من الجهود في سبيل دعم العمل الخيري والإنساني، سواء فيما يتعلق بإصدار التعليمات التنظيمية في هذا المجال، أو فيما يتعلق بالقطاع الثالث، أي المنظمات غير الربحية، وخاصة المنظمات الخيرية والإنسانية، لافتا إلى قيام الهيئة بإبرام العديد من الاتفاقيات مع الجامعات والمراكز البحثية بهدف إجراء البحوث والدراسات التي تخدم العمل الخيري والإنساني، سواء في داخل الدولة أو خارجها.

وأبرز وجود العديد من الطرق التي يهدف إليها البحث العلمي والإنساني، منها تحديد أماكن النزاع، ونوع المساعدات المطلوبة للجهات المستفيدة، بالإضافة إلى تحديد كمية هذه المساعدات بالشكل الذي يخدم الجهات المنفذة لهذه المساعدات الخيرية والإنسانية، لافتا إلى حرص الهيئة الدائم على دعم البحوث والدراسات التي تخدم الأعمال الخيرية والإنسانية.

أما الدكتور عبدالفتاح محمد أستاذ الشؤون الدولية في جامعة حمد بن خليفة، فأكد في تصريح مماثل لـ «قنا»، اهتمام دولة قطر بالأبحاث والدراسات الخاصة بالعمل الإنساني والقطاع الثالث، وترجمة ذلك من خلال مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني الذي يقوم بأدوار عديدة في هذا المجال، علاوة على دعمها للعمل الإنساني بأشكال كثيرة ومتعددة، منوها إلى وجود العديد من الجهات القطرية الأخرى الداعمة للمشاريع البحثية المتعلقة بالعمل الإنساني، مثل جامعة قطر، وجامعة حمد بن خليفة، وبقية الجامعات الأكاديمية، التي تخصص برامجها الدراسية لتناول قضايا تتعلق بالعمل الإنساني، بجانب تشجيع الطلاب على إعداد دراسات الماجستير في هذا المجال، علاوة على مبادرات أخرى تقدمها الدولة في هذا الخصوص.

وأعقب افتتاح المؤتمر، انطلاق جلساته التي دارت جميع محاورها حول «تعزيز التآزر بين البحث العلمي والممارسة لتحقيق تأثير فعال في العمل الإنساني والتنموي»، وعرض خلالها المشاركون تجاربهم ومشاريعهم البحثية في مجال العمل الإنساني.

وعرجت شيرين طرابلسي مديرة التأثير والتغيير في شبكة «ستارت» بالمملكة المتحدة، على دور الشبكة في مجال العمل الإنساني، مشددة على أهمية تعزيز القدرة البحثية في مجال الصحة بالمناطق التي تشهد صراعات ونزاعات، فيما تناول الدكتور سليم سلامة الرئيس التنفيذي لقمة الابتكار في الرعاية الصحية، WISH، في مؤسسة قطر، المخاطر الصحية التي يتعرض لها السكان في مناطق النزاعات، بينما عرض السيد خالد الشطي رئيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني «فنار» ورئيس مجلس أمناء الوقف الكويتي للعمل الإنساني، جهود المركز في العمل الإنساني عبر إنشاء مكتبة توثق الجهود بجانب الإصدارات المتخصصة في هذا المجال، والإعداد لإطلاق موقع إلكتروني بعنوان «ويكي خير»، إلى غير ذلك من جهود متصلة.