أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتانياهو ويوآف غالانت بخصوص «جرائم حرب» في قطاع غزة، وقالت إن هناك «أسبابا منطقية» للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب.
وأضافت المحكمة في بيان أن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن نتانياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين.
وقالت إن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتانياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.
وأكدت المحكمة أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري، كما اعتبرت أن الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصب في مصلحة الضحايا.
وإلى جانب نتانياهو وغالانت، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضا أمر اعتقال بحق قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، محمد دياب إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف. وكان المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في فلسطين، مايك لينك، أكد في سبتمبر أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (يوم 10 سبتمبر 2024) إصدار أوامر اعتقال عاجلة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت هو بسبب جرائم الحرب المستمرة والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب داخل قطاع غزة، ووصف هذا «الإلحاح» من قبل المدعي العام بأنه تطور مهم جدا.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان طلب إصدار أوامر اعتقال عاجلة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال لينك إن الأسس التي تعتمد عليها المحكمة الجنائية الدولية هي أسس قوية ومعظم الخبراء في القانون الجنائي الدولي سيتفقون مع ذلك. وأضاف أن المدعي العام كان واضحا جدا عندما قدم الطلب في مايو/أيار الماضي بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتانياهو وغالانت وقادة من حركة حماس، وقال حينها إن القانون الدولي يجب أن يطبق على الجميع، أي أن المحكمة الجنائية لا تنحاز لطرف دون آخر كما يزعم الإسرائيليون.
واستبعد أن تكون هناك معاداة للسامية- كما تزعم إسرائيل- في الإجراءات التي اتخذها المدعي العام للمحكمة الجنائية، وقال إن إسرائيل بارتكابها لما يشكل إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تواجه إمكانية إصدار مذكرات اعتقال بحق قياداتها، مشددا على ضرورة أن تكون هناك مساءلة لمرتكبي هذه المجازر، وهي الغاية من إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
وقال إن أوروبا كلها وكندا واليابان وأستراليا وغيرها من الدول سيكون مطلوبًا منها إلقاء القبض على من صدرت بحقهم مذكرات اعتقال.
وكانت منظمة «القانون من أجل فلسطين» قدمت مذكرة قانونية للمحكمة الجنائية الدولية في أغسطس الماضي تؤكد اختصاص الأخيرة بمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين وتفنّد الاعتراضات بهذا الشأن، وذلك بعد جدل قانوني أثير حول الموضوع.
وبيّنت المنظمة في مذكرتها أن اتفاقيات أوسلو لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من ممارسة ولايتها القضائية على المواطنين الإسرائيليين الذين يخضعون للتحقيق في جرائم ارتُكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت إن هناك إفلاتا من العقاب وغيابا للملاحقة القضائية لمرتكبي الجرائم الدولية في إسرائيل، مما يستدعي تدخل المحكمة استنادا لمبدأ التكامل.
وطالبت المنظمة المحكمة الدولية برفض أي اعتراضات على اختصاصها أو ممارستها لولايتها القضائية، مما قد يعرقل عملها أو يعيق فعاليتها في تحقيق العدالة الدولية في فلسطين.
وتأتي خطوة المنظمة هذه بعد جدل قانوني أثارته بريطانيا في مذكرة قدمتها في وقت سابق أمام الدائرة التمهيدية للمحكمة، زعمت فيها أن على المحكمة أن تأخذ اتفاقيات أوسلو بعين الاعتبار عند قيامها بتحديد اختصاصها، خاصة فيما يتعلق بتقييم ما إذا كان إصدار مذكرات اعتقال بحق المواطنين الإسرائيليين يدخل ضمن اختصاصها.
وجاء في المذكرة البريطانية أن فلسطين نفسها لا تستطيع ممارسة مثل هذا الاختصاص بموجب اتفاقيات أوسلو، ولا يمكنها مقاضاة الإسرائيليين، ونظرًا لذلك، فإنه لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس اختصاصها عليهم، أو أن تصدر مذكرات اعتقال بحقهم.
وقدمت بريطانيا المذكرة المذكورة آنفا بعد إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان في 20 مايو/أيار 2024، أن مكتبه قدم طلبا للمحكمة لإصدار مذكرات اعتقال تتعلق بالوضع في فلسطين، بما في ذلك مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وكانت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية أصدرت قرارا بمنح منظمة «القانون من أجل فلسطين»، إلى جانب عدة دول ومنظمات أخرى، الإذن بتقديم مذكراتها القانونية الخاصة بهذا الشأن.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت قبل أيام إن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري حذروا محكمة لاهاي، وطالبوا المشرف على المحكمة الجنائية الدولية «بالتحقيق في الإجراءات غير النظامية وغير القانونية المحتملة التي اتخذها المدعي العام» في استهداف زعماء إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن 6 من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، ثلاثة جمهوريين هم ليندسي غراهام وجون ثون وجوني إيرنست، وثلاثة ديمقراطيين هم بن كاردين وريتشارد بلومنثال وجون فيترمان، بعثوا برسالة في الأول من نوفمبر، قالوا فيها إن المدعي العام كريم أحمد خان لم يمتثل للقانون في التقدم بطلب إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وأوضح أعضاء مجلس الشيوخ كيف ضللهم خان- حسب الرسالة- بأنه «سيتعامل بشكل هادف مع دولة إسرائيل»، كما يقتضي نظام روما الأساسي للمحكمة، «قبل اتخاذ أي إجراء»، ولكنه بدلا من ذلك تجاهل الإسرائيليين، وأعلن عن طلبه إصدار أوامر اعتقال.
وأشار أعضاء مجلس الشيوخ إلى مزاعم تحرش جنسي ضد خان، وقد رد عليها ضمنا بأنها مؤامرة إسرائيلية، مما لا ينهي أسئلة التحيز، خاصة أن اتحاد موظفي المحكمة الجنائية الدولية لا يثقون في هيئة الرقابة الداخلية للمحكمة -حسب الصحيفة-، وبالتالي يدعو المشرعون الأميركيون إلى «تحقيق سريع ومستقل وشامل بقيادة لجنة خارجية».
وقالوا إن «أي إجراء تتخذه المحكمة فيما يتصل بمذكرات الاعتقال الصادرة بحق مسؤولين إسرائيليين دون الاستفادة من تحقيق كامل في الاتهامات الخطيرة التي تلاحق المدعي العام خان من شأنه أن يلقي بظلال من الشك على تصرفات المحكمة، ويعرض مصداقيتها للخطر على نطاق أوسع»، مشيرين إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تواجه ضغوطا من الجماعات والدول المعادية لإسرائيل لتشويه سمعها.
ورأى أعضاء مجلس الشيوخ أن كل هذا يشكل خطرا على أميركا، حيث تلاحق المحكمة إسرائيل التي لا تنتمي إليها بسبب أفعالها في غزة التي ليست دولة، في حرب دفاعية ضد الإرهابيين -حسب تعبيرهم، وغدا قد تفعل الجنائية الدولية الشيء نفسه مع الولايات المتحدة، وهي دولة أخرى غير عضو.