لماذا لا نرى آثار الصواريخ التي تسقط على الكيان إلا نادرا؟
أين هي الصحافة العالمية الحُرَّة التي لا تَخفَى عليها خافية عندما يتعلق الأمر ببلدان أخرى؟
لِماذا لا يُتَّهَم الكيان بأنه ضد حرية الصحافة؟
لماذا لا يقوم المدنيون في الكيان بنشر فيديوهات على المباشر في وسائل التواصل الاجتماعي إلا نادرا؟ لماذا تنقل لنا التليفزيونات العالمية وبخاصة العربية فقط صور السّماء التي فوق مدن الكيان من دون الأرض؟
لماذا يتم التَّقليل من حجم الضربات بالتركيز على تأثيراتها الجانبية في محيط المواقع المُستهدَفة؟!
تُلخِّص هذه الأسئلة بشكل تقريبي ما يمكن أن نُسمّيه وجود رقابة عالية من الكيان الصهيوني على وسائل الإعلام الداخلية والخارجية، وتؤكد وجودها بشكل فاضح على المدنيين لِمنعهم من نشر ما يُمكنهم تسجيله على المباشر.
معروف هو التعاون التكنولوجي الواسع ما بين الشركات الغربية ونظيرتها في الكيان في هذا المجال، فضلا عما تُقدِّمه الجامعات الأميركية الكبرى من دعم مستمر للصناعة المعلوماتية الصهيونية عالميا، وبخاصة فيما يتعلق بالرقابة على البشر وعلى وسائل الإعلام والحكومات المختلفة.
لدى الكيان وحداتٌ أمنية مختصّة أشهرها الوحدة 8200 التي تقوم بمراقبة جميع الاتصالات والبيانات الرقمية من خلال التصنُّت والتحليل المُعَزَّز بواسطة الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استعانته بخدمات الشركات المختصة في إنتاج تكنولوجيا الرقابة السيبرانية مثل NSO Group المُطوِّرة لبرنامج «بيغاسوس» المنتشر في العالم، فضلا عن شركات غربية أخرى لها خبرة واسعة في هذا المجال، إضافة إلى هذا لا يتردد قادة العدوان الصهاينة من ناحية أخرى في وضع رقيب عسكري في كل وسيلة إعلام داخلية، ومنع أي مراسل أجنبي في داخل الأراضي المحتلة من ممارسة عمله بِحُرّية.
وأصبح العالم لا يرى إلا ما يُريد جيش الاحتلال أن يُرَى، وسايرت هذا التوجه وسائل إعلام للأسف عربية حتى باتت تَسعد حين تُبرِز «فشل» المقاومة في إصابة أهدافها، وحين تُروِّج لكذبة اعتراض جميع الصواريخ أو سقوطها فقط في مناطق «مفتوحة»، أو تُذيّل أخبارها بعبارة «لم تتسبب في أيِّ خسائر» التي عادة ما يستخدمها الكيان الصهيوني لتغطية خسائره.
صحيحٌ أن حرب التحرير الدائرة اليوم في فلسطين ولبنان ليست متكافئة من الناحية التكنولوجية، ولا من ناحية الخسائر البشرية والمادية، لكن ما يُخفيه الكيان من خسائر نوعية بداخله أعظم، خاصة تلك التي تمسُّ تماسكه العضوي وتدفع فئات واسعة منه نحو الهجرة العكسية، بعد أن باتت مُتأكِّدة من كون السيطرة بالقوة وبالعدوان والظلم مآلها الزوال طال الزمن أم قصر، وذلك هو طريق النصر أو الشهادة الذي اختارته المقاومة، وهي منتصرة بإذن الله.