+ A
A -
بقطع النظر عن كون ما حدث في مرفأ بيروت تفجيرا بفعل فاعل أو انفجارا تلقائيا بسبب شحنة نترات الآمونيوم المخزنة في مستودعات المرفأ فإنّ الأهم بعد حدوث الفاجعة أو الجريمة إنما يتمثل في دلالة الانفجار توقيتا ودوافع وأسبابا.
لا يزال الغموض يلفّ الحادث ولاتزال الروايات تتتالى كل يوم مشيرة إلى مسؤولية هذا الطرف أو ذاك عن العملية أو وابل التصريحات التي تنفي مسؤولية هذا أو ذاك. صحيح أنّ التحقيق في ما حدث مهمّ لمعرفة الدوافع والأسباب ومعاقبة الجناة عن الأرواح التي أزهقت والدمار الذي حلّ بالعاصمة لكنّ التمعّن في دلالة التفجير قد يُسهم في إلقاء الضوء على الجريمة الأبشع التي تعرضت لها العاصمة اللبنانية في تاريخها بعد الغزو الصهيوني.
دلالة انفجار أو تفجير بهذا الحجم يشبه في جزء كبير منه دلالة الجريمة السياسية مثل الاغتيالات التي عرفتها لبنان طوال تاريخها السياسي الدامي وأشهرها على الإطلاق جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. الجريمة السياسية هي حدث وظيفي وكذلك التفجير لأنه يأتي في سياق شبكة من الأحداث التي تستهدف تحويل مسارها وتوجيهها الوجهة التي يريد، هاته الوجهة لا تستطيع الأطراف المتورطة في الجريمة بلوغها بنسق الأحداث العادي وإنما تفتعل حدثا ضخما في تداعياته بشكل يسمح بالتحكم في نسق الأحداث.
يعيش لبنان منذ مدة على وقع انهيار اقتصادي غير مسبوق وهو الأمر الذي تفاقم في المدّة الأخيرة وتحوّل إلى احتجاجات في الشوارع مطالبة بمحاسبة الفاسدين من السياسيين والمسؤولين، انهار الاقتصاد وارتفع سعر صرف الدولار ورفضت البنوك مدّ عملائها بأموالهم المودعة فيها وبلغ الاحتقان مرحلة متقدمة جدا، في هذا السياق وعلى وقع التصعيد على الحدود مع دولة الكيان يأتي التفجير الضخم الذي ضرب العاصمة ليكون القطرة التي تفيض الكأس وتحدّد اتجاه الأحداث بشكل نهائي تقريبا.
لبنان اليوم في مفترق تاريخي إذ يضع وراء ظهره مرحلة طُويت وانتهت ويدشّن مرحلة جديدة يلفها الغموض والشك. لا نعتقد أن النظام السياسي والاقتصادي والمؤسساتي الحالي، قادر على مواجهة المرحلة الجديدة بنفس الآليات ونفس أدوات المرحلة السابقة، هذا يعني أنّ مرحلة من تاريخ لبنان قد انتهت وأنّ مرحلة جديدة قد بدأت بشكل تحاول فيه الأطراف الداخلية والخارجية الفاعلة توجيه المرحلة الجديدة نحو ما يخدم مصالحها ويحافظ عليها. لبنان قطعة مركزية في المشرق العربي وهو ما يعني أنّ الوجهة التي سيأخذها لبنان ستُلقي بظلالها على كامل المنطقة لا على بيروت فقط.بقلم: محمد هنيد
لا يزال الغموض يلفّ الحادث ولاتزال الروايات تتتالى كل يوم مشيرة إلى مسؤولية هذا الطرف أو ذاك عن العملية أو وابل التصريحات التي تنفي مسؤولية هذا أو ذاك. صحيح أنّ التحقيق في ما حدث مهمّ لمعرفة الدوافع والأسباب ومعاقبة الجناة عن الأرواح التي أزهقت والدمار الذي حلّ بالعاصمة لكنّ التمعّن في دلالة التفجير قد يُسهم في إلقاء الضوء على الجريمة الأبشع التي تعرضت لها العاصمة اللبنانية في تاريخها بعد الغزو الصهيوني.
دلالة انفجار أو تفجير بهذا الحجم يشبه في جزء كبير منه دلالة الجريمة السياسية مثل الاغتيالات التي عرفتها لبنان طوال تاريخها السياسي الدامي وأشهرها على الإطلاق جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. الجريمة السياسية هي حدث وظيفي وكذلك التفجير لأنه يأتي في سياق شبكة من الأحداث التي تستهدف تحويل مسارها وتوجيهها الوجهة التي يريد، هاته الوجهة لا تستطيع الأطراف المتورطة في الجريمة بلوغها بنسق الأحداث العادي وإنما تفتعل حدثا ضخما في تداعياته بشكل يسمح بالتحكم في نسق الأحداث.
يعيش لبنان منذ مدة على وقع انهيار اقتصادي غير مسبوق وهو الأمر الذي تفاقم في المدّة الأخيرة وتحوّل إلى احتجاجات في الشوارع مطالبة بمحاسبة الفاسدين من السياسيين والمسؤولين، انهار الاقتصاد وارتفع سعر صرف الدولار ورفضت البنوك مدّ عملائها بأموالهم المودعة فيها وبلغ الاحتقان مرحلة متقدمة جدا، في هذا السياق وعلى وقع التصعيد على الحدود مع دولة الكيان يأتي التفجير الضخم الذي ضرب العاصمة ليكون القطرة التي تفيض الكأس وتحدّد اتجاه الأحداث بشكل نهائي تقريبا.
لبنان اليوم في مفترق تاريخي إذ يضع وراء ظهره مرحلة طُويت وانتهت ويدشّن مرحلة جديدة يلفها الغموض والشك. لا نعتقد أن النظام السياسي والاقتصادي والمؤسساتي الحالي، قادر على مواجهة المرحلة الجديدة بنفس الآليات ونفس أدوات المرحلة السابقة، هذا يعني أنّ مرحلة من تاريخ لبنان قد انتهت وأنّ مرحلة جديدة قد بدأت بشكل تحاول فيه الأطراف الداخلية والخارجية الفاعلة توجيه المرحلة الجديدة نحو ما يخدم مصالحها ويحافظ عليها. لبنان قطعة مركزية في المشرق العربي وهو ما يعني أنّ الوجهة التي سيأخذها لبنان ستُلقي بظلالها على كامل المنطقة لا على بيروت فقط.بقلم: محمد هنيد