لا شيء يبعث على الشعور بالتقيؤ والكراهية مثل المواقف الأميركية التي تُخاصم ما أرساه الآباء المؤسسون من قِيَم الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية، وبنوا لتلك القِيم تمثالاً للحرية.

في مواقف أميركا وسياساتها وتصريحات ساستها ترى العجب العجاب، فمنهم من يدعو لوقف النار، وآخر يرفع يده في أعلى منبر أُممي مثل شرطيّ على مفترق طرق يمنع تدفق السيارات ويضاعف الاختناق، وآخرون قلقون من عدّاد الموت المتسارع بمتواليةٍ هندسية، ويتمنون لو يصير بمتواليةٍ عددية.

لكنّ آخر المواقف الباعثة على الاشمئزاز والغثيان أن يرفض البيت الأبيض قراراً عدلياً يصدر عن أعلى هيئةٍ قضائيةٍ دوليةٍ بجلب الجناة الذين يمارسون الإبادة الجماعية في غزة إلى القضاء، ما يضع الدولة العظمى في خصومةٍ مع القيم الإنسانية التي تحث على محاسبة الجناة، وإرساء قواعد ومعايير موحدة للعدل؛ بعدم السماح بإفلات المجرمين من العقاب مهما كانت جنسياتهم.

أي مواقف تلك التي تمارسها الدولة العظمى، وتختلط فيها أنساب المفاهيم، وينعدم فيها اليقين بلجوء المظلومين إلى القضاء لإنصافهم؟!

نحن لا نكره أحداً، ولا نميّز بين البشر على أساس العرق أو اللون أو الدين، ونحب البشر أجمعين، مصداقاً لقوله تعالى لنبيه الكريم: «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين».

نرى الأميركيين أحراراً في ثورة الجامعات، وفي تحدي مظاهر العنصرية، والحرص على التمسك بقِيَم الحق والعدل والحرية.. تلك هي أميركا التي مثّلها طلبة الجامعات، وقدموا من أجل ذلك التضحيات، وهم من سيتولون غداً المسؤوليات، ويُغيّرون ما يشوب سياسات بلادهم من تناقضاتٍ تتولد جراءها مشاعر الغضب والكراهية في الكثير من المجتمعات.

ويسألونك.. لماذا يكرهوننا؟{ القدس الفلسطينية