+ A
A -
مثّل إعلان الرئيس الأميركي في تغريدة استباقية له عن العلاقات بين الإمارات ودولة الكيان حدثا بارزا هزّ كامل المنطقة العربية وما جاورها. وقد استقى الحدث خطورته من السياق الدقيق ومن التوقيت الحساس الذي تمرّ به الأمة على أكثر من صعيد بسبب الحرائق المشتعلة في كامل المحيط العربي تقريبا.
الإعلان الأميركي رفعَ الحرج عن الإمارات بأن أظهر الإعلان في شكل قرار عُلوي يدخل في إطار مشروع دولي للسلام والتعايش في الشرق الأوسط كما تردد الاسطوانات العربية في كل مناسبة من هذا النوع. وهو الأمر الذي يجعل من الإعلان والتوقيت حدثا يتحرك في اتجاهات كثيرة ويسمح بتحقيق جملة من الاستنتاجات والقراءات.
المُعلِن الأميركي سجّل نقطة انتخابية في بلده الذي يمرّ بأسوأ أطواره بعد أن عصفت أزمة كورونا والاحتجاجات العنصرية الأخيرة بآمال الرئيس ترامب بتجديد عهدته الرئاسية. بذلك يكون الرجل قد ضمن دعم اللوبي الصهيوني في أميركا لحملته القادمة وضمن معها دعم رجال الأعمال والمؤسسات الإعلامية الضخمة التي توجّه إرادة الناخبين وخياراتهم.
أما القضية الفلسطينية والشعوب المتمسكة بالحق الفلسطيني فهم أكبر الخاسرين وليس أدلّ على ذلك من الجرائم الصهيونية المتواصلة في القطاع وتمدد المستوطنات ومشاريع الاستيلاء على الأرض المحتلة. تدرك دولة الاحتلال أنّ الدول العربية تعيش اليوم أضعف أطوارها وأنّها قادرة على تحقيق اختراق تاريخي في المنطقة عبر فرض الاعتراف بالاحتلال. يعلم الجميع أنّ كل اتفاقيات السلام المبرمة مع الكيان المحتل منذ كامب ديفيد مرورا بوادي عربة وصولا إلى أوسلو لم تكن غير وسيلة لتمكين المحتلّ من مزيد الاحتلال ومن مزيد الجرائم في حق فلسطين وفي حق القدس وفي حق الأمة.
هذه العملية الجديدة وإن لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فإنها تستمدّ خطورتها أيضا من سياق الفوضى والانقلابات التي كانت الإمارات أكبر داعميه، وهو ما يجعل من العملية مرحلة منتظرة في مسار الانقلاب على موجات التغيير السياسي والاجتماعي التي تعرفها المنطقة منذ قرابة عشر سنوات. إن الانقلاب على ثورات الشعوب كان لابد له أن يُتوّج بتنازلات كبيرة لصالح الدول والكيانات العربية والصهيونية التي خططت له وسهرت على تنفيذه.
أخطر ما في العملية الأخيرة هو أنها جعلت النظام الرسمي العربي يستنجد بأعداء الأمة التاريخيين في سبيل إنقاذ نفسه من موجات التغيير القادمة. وهو بذلك مستعدّ لتقديم كل أنواع التنازلات من أجل المحافظة على نفسه من غضب الجماهير ولو كلّفه ذلك ما كلّفه.محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربونبقلم: محمد هنيد
الإعلان الأميركي رفعَ الحرج عن الإمارات بأن أظهر الإعلان في شكل قرار عُلوي يدخل في إطار مشروع دولي للسلام والتعايش في الشرق الأوسط كما تردد الاسطوانات العربية في كل مناسبة من هذا النوع. وهو الأمر الذي يجعل من الإعلان والتوقيت حدثا يتحرك في اتجاهات كثيرة ويسمح بتحقيق جملة من الاستنتاجات والقراءات.
المُعلِن الأميركي سجّل نقطة انتخابية في بلده الذي يمرّ بأسوأ أطواره بعد أن عصفت أزمة كورونا والاحتجاجات العنصرية الأخيرة بآمال الرئيس ترامب بتجديد عهدته الرئاسية. بذلك يكون الرجل قد ضمن دعم اللوبي الصهيوني في أميركا لحملته القادمة وضمن معها دعم رجال الأعمال والمؤسسات الإعلامية الضخمة التي توجّه إرادة الناخبين وخياراتهم.
أما القضية الفلسطينية والشعوب المتمسكة بالحق الفلسطيني فهم أكبر الخاسرين وليس أدلّ على ذلك من الجرائم الصهيونية المتواصلة في القطاع وتمدد المستوطنات ومشاريع الاستيلاء على الأرض المحتلة. تدرك دولة الاحتلال أنّ الدول العربية تعيش اليوم أضعف أطوارها وأنّها قادرة على تحقيق اختراق تاريخي في المنطقة عبر فرض الاعتراف بالاحتلال. يعلم الجميع أنّ كل اتفاقيات السلام المبرمة مع الكيان المحتل منذ كامب ديفيد مرورا بوادي عربة وصولا إلى أوسلو لم تكن غير وسيلة لتمكين المحتلّ من مزيد الاحتلال ومن مزيد الجرائم في حق فلسطين وفي حق القدس وفي حق الأمة.
هذه العملية الجديدة وإن لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فإنها تستمدّ خطورتها أيضا من سياق الفوضى والانقلابات التي كانت الإمارات أكبر داعميه، وهو ما يجعل من العملية مرحلة منتظرة في مسار الانقلاب على موجات التغيير السياسي والاجتماعي التي تعرفها المنطقة منذ قرابة عشر سنوات. إن الانقلاب على ثورات الشعوب كان لابد له أن يُتوّج بتنازلات كبيرة لصالح الدول والكيانات العربية والصهيونية التي خططت له وسهرت على تنفيذه.
أخطر ما في العملية الأخيرة هو أنها جعلت النظام الرسمي العربي يستنجد بأعداء الأمة التاريخيين في سبيل إنقاذ نفسه من موجات التغيير القادمة. وهو بذلك مستعدّ لتقديم كل أنواع التنازلات من أجل المحافظة على نفسه من غضب الجماهير ولو كلّفه ذلك ما كلّفه.محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربونبقلم: محمد هنيد