+ A
A -
تضيق الحلقات على فلسطين المحتلة، ويُخنق الكفاح الوطني فيها اليوم بموسم شرس جديد، لم تتوقعه الأجيال ولا أبرز المتفائلين في الفكر الصهيوني، بأن يتم تنفيذه بهذه السرعة، والحقيقة أن فلسطين تعرضت لدورات متعددة من الحصار، كان مشتركاً بين الأنظمة العربية ومن كانت رافعته الأساسية وحجر زاويته الأصلي، وهما قطبا الاستعمار للنفوذ الغربي، عبر بريطانيا والدعم الأوروبي الممنهج، والولايات المتحدة الأميركية التي أطلق عليها الزعماء الأميركيون، أنها أوروبا الجديدة، غير أن الشراكة العربية القديمة، كانت لها جسورها الخاصة والسرية، ومشاعرها المختلفة كلياً، عن موقف الشارع العربي.
ولكن في دورات الزمن القديم منذ نقل الانتداب الإنجليزي، مشروع احتلاله إلى الحركة الصهيونية، التي مارست عمليات إبادة، وعمليات تهجير متعددة للشعب الفلسطيني، كانت تلك الأنظمة لا تستطيع أن تُفصح بمشاعرها، ورغبتها في التقدم نحو الإسرائيليين، لقوة ضغط الشارع العربي، الذي استطاع أن يُبقي مركزية فلسطين، حاضرة في الروح العربية الإسلامية، وهي مهمة تعاقبت عليها شخصيات وتكتلات وطنية من عدة أقطار، وتيارات فكرية متعددة باشرت تحفيزها في الذات الأخلاقية والمبدئية للعرب.
وكانت قصة القضية واضحة لذلك الجيل، فمعالم طرد شعب فلسطين رغم أن رموز إنسانه وطبيعة تراثه، وجذوره الفكرية حاضرة في كل مكان من فلسطين المحتلة، وقد رأى بقية العرب هذا الشعب طريداً أمامهم، ورأوا توثيقاً لعلميات التهجير والقتل، وذات الكيان الصهيوني، لا يَجهل شذوذه حتى الأطفال، الذين يُفرّقون بين هذه الجغرافيا والسواحل والثقافة، للإنسان العربي في الشام الكبير، وبين طبيعة الاستيطان الاحتلالي الذي أُتي به إلى فلسطين.
لقد نفّذ الغرب جريمته الثانية ضد الإنسانية، بعد أن سُحق اليهود في دورات متعددة لصعود قومية الغرب، ومبدأ التطهير الحداثي، الذي عبر في العقل الثقافي الغربي، من خلال دورات صعود يمينية شرسة، وماكينة رأسمالية ضخمة، شارك فيها أقليات يهودية، قبل أن ترتد هذه الآلة على يهود أوروبا، عبر الحركة النازية وغيرها، ثم عادت نفس فلسفة التوحش الرأسمالي، لتكون من جديد، عقيدة مصلحة قذرة بين الفكر الصهيوني، وشركائه الغربيين، في المؤسسات المالية الكبرى للغرب، وهكذا أُطلقت الحروب وصراعات الشرق تحت إشراف هذه المنظومة.
أما الضلع الثالث، فإن هناك تقييماً مختلفاً في بعض سيرة بعض الأنظمة أو الزعماء، وتعميم الأمر غير دقيق، فهناك منهم من كان بالفعل يرفض الاحتلال، لكن سياسته القمعية لشعبه، كانت في الحقيقة ترساً ضد فلسطين المحتلة ذاتها، لقد أدرك المراقب العربي، بل والرأي العام، بأن مصالح القضية، ترتبط بالفعل بقوة حضور الشارع وحرياته الدستورية.
وبالتالي التمثيل الشعبي، يضغط على القرار، فيما تمكُن الاستبداد وخاصة المتوحش، هو من يُهيئ لأي نظام التقدم لصالح المشروع الصهيوني المركزي، حيث لا رقيب عليه، ولا ضغط شعبيا، وأيضاً تكون مصالح بقائه، وتمكينه ككومبارس في النظام الدولي الجديد رهناً بتنازلاته، وهذا لا يعني أن النظام بالفعل لا يُضمن له البقاء إلا بهذه التنازلات.
وإنما هذه هي فكرة البعبع، التي مارسها تحالف تل أبيب والغرب على عقلية المستبد العربي، فيما كانت لديه منظومة توازنات، من ضمنها تمكين شعبه في إطارٍ إصلاحي وتعزيز السلم الأهلي، والحقوق والحد من الفساد، فيكون لديه ظهير وطني، يخوض به مسار التفاوض الدبلوماسي، وتحييد وطنه عن صفقة الآثام الدولية، لكن قلوب المستبدين العرب، ظلت متشربة بكل رسالة أميركية، فيبقى فؤادهم فارغاً، حتى تسترضى الإدارة الأميركية ومعسكر تل أبيب الحربي داخلها، أو في فلسطين المحتلة.
لقد كان التوحش الإجرامي في نظام الأسد، وقرار تثبيته في قاعدة اللعبة، مقدمة لإكمال سيناريو الكشف الأخير لظهر الفلسطينيين، لكنه لم يكن العذر مطلقاً، وإنما محور السوء الخليجي الذي تقوده أبو ظبي، أصبح له مشروع مشترك، تجاوز حلم الأميركيين في الشرق الأوسط الجديد، ليكون المشرق العربي، جغرافيا شراكة تنفيذية، يعاد فيها صناعة الإنسان والثقافة والمبدأ الأخلاقي، لأجل مصالح طغاة مستبدي الخليج ومصالح الصهاينة، حتى يهدم بيت القدس ويقام معبد الدين الحداثي النفعي الجديد.بقلم: مهنا الحبيل
ولكن في دورات الزمن القديم منذ نقل الانتداب الإنجليزي، مشروع احتلاله إلى الحركة الصهيونية، التي مارست عمليات إبادة، وعمليات تهجير متعددة للشعب الفلسطيني، كانت تلك الأنظمة لا تستطيع أن تُفصح بمشاعرها، ورغبتها في التقدم نحو الإسرائيليين، لقوة ضغط الشارع العربي، الذي استطاع أن يُبقي مركزية فلسطين، حاضرة في الروح العربية الإسلامية، وهي مهمة تعاقبت عليها شخصيات وتكتلات وطنية من عدة أقطار، وتيارات فكرية متعددة باشرت تحفيزها في الذات الأخلاقية والمبدئية للعرب.
وكانت قصة القضية واضحة لذلك الجيل، فمعالم طرد شعب فلسطين رغم أن رموز إنسانه وطبيعة تراثه، وجذوره الفكرية حاضرة في كل مكان من فلسطين المحتلة، وقد رأى بقية العرب هذا الشعب طريداً أمامهم، ورأوا توثيقاً لعلميات التهجير والقتل، وذات الكيان الصهيوني، لا يَجهل شذوذه حتى الأطفال، الذين يُفرّقون بين هذه الجغرافيا والسواحل والثقافة، للإنسان العربي في الشام الكبير، وبين طبيعة الاستيطان الاحتلالي الذي أُتي به إلى فلسطين.
لقد نفّذ الغرب جريمته الثانية ضد الإنسانية، بعد أن سُحق اليهود في دورات متعددة لصعود قومية الغرب، ومبدأ التطهير الحداثي، الذي عبر في العقل الثقافي الغربي، من خلال دورات صعود يمينية شرسة، وماكينة رأسمالية ضخمة، شارك فيها أقليات يهودية، قبل أن ترتد هذه الآلة على يهود أوروبا، عبر الحركة النازية وغيرها، ثم عادت نفس فلسفة التوحش الرأسمالي، لتكون من جديد، عقيدة مصلحة قذرة بين الفكر الصهيوني، وشركائه الغربيين، في المؤسسات المالية الكبرى للغرب، وهكذا أُطلقت الحروب وصراعات الشرق تحت إشراف هذه المنظومة.
أما الضلع الثالث، فإن هناك تقييماً مختلفاً في بعض سيرة بعض الأنظمة أو الزعماء، وتعميم الأمر غير دقيق، فهناك منهم من كان بالفعل يرفض الاحتلال، لكن سياسته القمعية لشعبه، كانت في الحقيقة ترساً ضد فلسطين المحتلة ذاتها، لقد أدرك المراقب العربي، بل والرأي العام، بأن مصالح القضية، ترتبط بالفعل بقوة حضور الشارع وحرياته الدستورية.
وبالتالي التمثيل الشعبي، يضغط على القرار، فيما تمكُن الاستبداد وخاصة المتوحش، هو من يُهيئ لأي نظام التقدم لصالح المشروع الصهيوني المركزي، حيث لا رقيب عليه، ولا ضغط شعبيا، وأيضاً تكون مصالح بقائه، وتمكينه ككومبارس في النظام الدولي الجديد رهناً بتنازلاته، وهذا لا يعني أن النظام بالفعل لا يُضمن له البقاء إلا بهذه التنازلات.
وإنما هذه هي فكرة البعبع، التي مارسها تحالف تل أبيب والغرب على عقلية المستبد العربي، فيما كانت لديه منظومة توازنات، من ضمنها تمكين شعبه في إطارٍ إصلاحي وتعزيز السلم الأهلي، والحقوق والحد من الفساد، فيكون لديه ظهير وطني، يخوض به مسار التفاوض الدبلوماسي، وتحييد وطنه عن صفقة الآثام الدولية، لكن قلوب المستبدين العرب، ظلت متشربة بكل رسالة أميركية، فيبقى فؤادهم فارغاً، حتى تسترضى الإدارة الأميركية ومعسكر تل أبيب الحربي داخلها، أو في فلسطين المحتلة.
لقد كان التوحش الإجرامي في نظام الأسد، وقرار تثبيته في قاعدة اللعبة، مقدمة لإكمال سيناريو الكشف الأخير لظهر الفلسطينيين، لكنه لم يكن العذر مطلقاً، وإنما محور السوء الخليجي الذي تقوده أبو ظبي، أصبح له مشروع مشترك، تجاوز حلم الأميركيين في الشرق الأوسط الجديد، ليكون المشرق العربي، جغرافيا شراكة تنفيذية، يعاد فيها صناعة الإنسان والثقافة والمبدأ الأخلاقي، لأجل مصالح طغاة مستبدي الخليج ومصالح الصهاينة، حتى يهدم بيت القدس ويقام معبد الدين الحداثي النفعي الجديد.بقلم: مهنا الحبيل