منذ بداية حرب الإبادة التي تشنها المستعمرة الصهيونية على غزة، في الثامن من تشرين الأول/‏ أكتوبر 2023، أطلقت الدولة الاستعمارية العنصرية حملة دعائية واسعة لتشويه سمعة منظمة الأمم المتحدة تحت شعار مناهضة الساميّة. فرغم عجز المنظمة الأممية التي تمثل القانون الدولي، واستلابها من قبل الإمبريالية الأميركية والغربية الداعمة للكيان الإسرائيلي، فقد باتت منظمة الأمم المتحدة مستهدفة من قبل الكيان الاسرائيلي العنصري لكونها تمثل القانون الدولي، حيث تتعرض وكالات الأمم المتحدة المتعددة، كمحكمة العدل الدولية ومنظمة الأونروا وقوات حفظ السلام التابعة لها في لبنان، للهجوم اللفظي الرمزي والاستهداف المادي والجسدي.

الهجمات المنهجية ضد الأمم المتحدة لا يعود تاريخها إلى حدث «طوفان الأقصى»، فتاريخ المستعمرة الإسرائيلية حافل في مهاجمة منظمة الأمم المتحدة.

لقد فككت عملية «طوفان الأقصى» الأساطير المؤسسة للمستعمرة الاستيطانية الصهيونية، وكشفت الحجاب عن طبيعة المشروع الصهيوني كظاهرة استعمارية تقوم على الإبادة والمحو والتطهير العرقي، إذ لم تكتف المستعمرة الإسرائيلية على مدى أكثر من عام بشن حرب إبادة شرسة على غزة ثم لبنان؛ أسفرت عن سقوط أكثر من 150 ألف شهيد وجريح فلسطينيّ ولبناني، معظمهم من الأطفال والنساء، بل تجاوزت ذلك إلى تبني نهج عدائي تجاه المؤسسات الدولية والأممية، ليشمل مؤسسات وشخصيات عدة في مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومحكمة الجنايات الدولية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «اليونيفيل» في لبنان، ومنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

منذ اللحظات الأولى لحرب الإبادة الصهيونية على غزة أطلقت المستعمرة الإسرائيلية حملة منسقة لتشويه سمعة منظمة الأمم المتحدة، وعملت دون كلل على تصوير المنظمة الدولية ككيان منحرف داعم للإرهاب وضد حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، واتهمت الأمم المتحدة بالعمل على مساندة الإرهاب والحيلولة دون تمكين تل أبيب من تحقيق أهدافها.

وقد شكلت غزة ذوات أخلاقية جديدة ترفض السردية الصهيونية وتناهض الاستعمار الاستيطاني، وأصبحت القضية الفلسطينية مسألة عدالة سياسية وقضية أخلاقية، فمقاومة السكّان الأصليين الفلسطينيين كانت منذ البداية ضدّ الاستعمار الاستيطاني وحرب الإبادة والتطهير العرقي، ومن أجل التّحرير، وما قامت به حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/‏ أكتوبر 2023 يقع قي سياق من عمليات المقاومة الفلسطينية التي بدأت منذ العام 1948. ويبدو أن المأزق الوجودي الذي تعيشه المستعمرة تدفعها إلى عدم الاكتراث بالأمم المتحدة وحالة العزلة والنبذ الدولية المتعاظمة، فالمستعمرة تدرك أن المشروع التاريخي للصهيونية بلغ مداه واقتربت نهايته.{ عربي 21