بعد كل ما اقترفته أيديهما من قتل وخراب، ومن إبادة جماعية مستمرة في غزة، أصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرة توقيف واعتقال بحق نتانياهو وغالانت، في خطوة مهمة جاءت بعد يوم واحد من استخدام أميركا للفيتو ضد مشروع استصدار قرار وقف الحرب في مجلس الأمن الدولي. صحيح أن القرار جاءَ متأخرا إلَّا أن فيه ما ينصف الضحية على جلادها، وفيه ما يعيد للعدالة الدولية الغائبة منذ بدأت الإبادة بعضا من دورها وصوتها، وصحيح أن المطلوب تدخل فوري للمجتمع الدولي لوقف الحرب حالا ووقف الكارثة، ومن ثم محاكمة الجناة والقصاص منهم على ما اقترفوا، إلا أن صدور مذكرة التوقيف شكلت بعثا جديدا لصوت العدالة الدولية التي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني، بأن تأخذ دورها المناط بها وفق أحكام القانون العادل.

مذكرة التوقيف التي صدرت عن الجنائية الدولية نافذة وملزمة لكل الدول الأعضاء، حسب نظام روما الأساسي للمحكمة الدولية، وهذا يجعل القرار ذا أهمية كبيرة تدفع بعضا من حالة الانحياز الأعمى، والدعم اللامسبوق الذي حظي به الاحتلال وحكومته طيلة أشهر حرب الإبادة. ما قاله المحللون حول هذه القضية كافٍ، ولست بصدد الحديث الطويل حوله من باب تجنب التكرار، ولكن ما لفتني هو بعض الأصوات الأكاديمية في إسرائيل ممن لا ينتمون إلى الأحزاب اليمينية، وحالة الدفاع عن نتانياهو وغالانت، وتوجيه اتهامات غير واقعية وغير حقيقية للمحكمة التي اتخذت قرارها.

ما صدر عن المحكمة الجنائية الدولية يمثل انتصارا لصوت العدالة والقانون، ولكل المظلومين والمقهورين والمضطهدين، ولكل من يتعرّضون للإبادة الجماعية، وهذا يفرض على العالم وقف الحرب بأسرع وقت، والتحرك على كل المستويات، وتنفيذ قرار الجنائية الدولية لإنقاذ البشر من وحل الإبادة.{ القدس الفلسطينية