+ A
A -
تركَ إبراهيم عليه السَّلام بأمرٍ من الله سبحانه زوجته هاجر وابنها الرَّضيع إسماعيل عليه السَّلام في مكة، ثم كانتْ حادثة ماء زمزم الشهيرة، وساقَ الله سبحانه قبيلة جرهم لتُؤنسهم، وشبَّ إسماعيل عليه السَّلام بينهم، وتعلَّمَ العربيَّة منهم، ثم زوَّجوه امرأة منهم، ثم ماتتْ أُمنا هاجر، وجاءَ إبراهيم عليه السَّلام ينظرُ ما حلَّ بهم، وذهبَ إلى بيتِ إسماعيل عليه السَّلام، فسألَ زوجته عنه، فقالت: خرجَ يبتغي لنا/‏ يُحصِّل معيشتنا. ثم سألَها عن حالِهم ومعاشِهم، فقالتْ: نحن في شرٍّ، نحن في ضِيقٍ وشِدَّة، وأخذتْ تشكو إليه وهي لا تعلم من هو.
فقال لها: إذا جاءَ زوجكِ فأقرئي عليه السَّلام، وقولي له يُغيِّر عتبةَ بابه!
فلما جاء إسماعيل عليه السَّلام، كأنَّه شعرَ بشيءٍ فسأل زوجته: هل جاءكم من أحد؟
فقالتْ: نعم، جاءنا شيخٌ أوصافه كذا وكذا، فسألنا عنكَ فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرْتُهُ أننا في فقرٍ وشِدَّة!
فقال لها: وهل أوصاكِ بشيء؟
فقالت: نعم، أمرَني أن أقرئ عليكَ السَّلام، ويقول لكَ غيِّرْ عتبة بابكَ!
قال: ذاكَ أبي، وقد أمرَني أن أُطلِّقكِ، الحقي بأهلكِ!
لم يَعِبْ إبراهيم عليه السَّلام زوجة ابنه في عرضها، معاذ الله، ثم إنَّ بيوت الأنبياء معصومة من هذا وإن لم تُعْصَمْ من الكُفر! وخيانة زوجتي نوحٍ ولوطٍ عليهما السَّلام الواردة في القرآن هي خيانة العقيدة والكفر لا خيانة الفِراش! ولكنه عابَ عليها كثرة نقها وشكواها وقِلة رضاها، فالمرأة كثيرة الشكوى والتبرُّم من أمور الرزق نائبة من نوائب الدَّهر، والرجال كذلك!
إسماعيل عليه السَّلام لم يَدَّخِر جهداً لتأمين قوت أهله باعتراف زوجته التي قالتْ خرج يبتغي لنا، ولكنها امرأة شَغَلَها النظر إلى ما في أيدي الناس عن النظرِ إلى ما في يدها فأدى ذلك إلى كفران النعمة، لهذا أمره أن يُطلِّقها!
وكذلك أمرَ عُمر بن الخطاب ابنه أن يُطلِّقَ زوجته فامتثلَ لأمره.
وجاءَ رجلٌ إلى الإمام أحمد يسأله في أمر أبيه الذي أمره أن يُطلِّق زوجته، فسأله: هل تعيب عليها شيئاً في دينها؟
فقال: لا
فقال له: فلا تُطلِّقها!
فقال: ولكن إبراهيم عليه السَّلام، وعُمر بن الخطاب رضي الله عنه أمرا ابنيهما بطلاق زوجتيهما ففعلا.
فقال له: إن كان أبوكَ كإبراهيم عليه السَّلام وعمر بن الخطاب فطلِّقها!
خُلاصة الكلام أن الابن ليس مأموراً بطلاقِ زوجته إن كان دينها حسناً، وليس من البِرِّ طاعة الأبوين في خراب البيوت، وخسارة امرأة صالحة، على أن بِرَّ الآباء والأمهات واجب وإن كرها الزوجة!
هذه الدنيا دار امتحان، والرزقُ من امتحانات الله في الدنيا، وعلينا رجالاً ونساءً أن نتأدَّب مع الله، ونرضى بأقداره، دون ترك أسباب الرزق، والإقبال على المِهن والأعمال، والرِّضا عن قسمة الله غنى، والسخط فقر آخر، وعلى الأهل أن يتقوا الله ولا يسعوا في خراب بيوت أبنائهم!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
30/08/2020
6313