لم تعد تعنيهم فصول السنة، باتت كلها بذات التفاصيل المناخية، فحرب إسرائيل عليهم انتزعت منهم كلّ ما هو طبيعي للبشرية، لكن يبقى لفصل الشتاء خصوصية عليهم، في ظل أن أحدا من أهلنا في غزة لم يعد يسكن بيوتا، حتى الخيام مقتصرة على جزء بسيط منهم، فيما يقضي الآلاف منهم حياته على طرقات مدمّرة، ليأتي فصل الشتاء بظروف قاسية ينتزع الخيام، ويجرف البشر والحجر.

فصل الشتاء في غزة عنوان كبير لوجع وآلام تحكي قصة شعب يواجه حربا هي الأقسى بتاريخ البشرية، تسقط الأمطار ويتحرك معها بحر غزة، ليُضاف إلى حياتهم مزيد من الظروف القاسية، والدمار، والخسائر البشرية والمادية، وسط صرخات الأطفال ونداءاتهم بأن يجدوا من ينقذهم من الغرق بوحل أرضهم ووحل معنوي جاوز كل معاني الضرر الجسدي والنفسي والمعنوي، ليحيا أهلنا في غزة مزيدا من الألم والجوع والأمراض والخسائر!!!

يأتيهم الشتاء ببرده وأمطاره، منتزعا نموذج خيمة، تاركا مَن تحتها في البرد والجوع والمرض، باحثين عن الدفء، بل باحثين عن أطراف حياة، عن جزء من حياة، داعين الله أن يخفف عنهم هذه الأيام التي تزيد من آلامهم، والأهم آلام أطفالهم الذين جرّدتهم الحرب من كل شيء له علاقة بالطفولة.

ويبقى لهذه الأيام وقع قاسٍ على أهلنا في غزة، فما الشتاء للأهل في غزة سوى ألم جديد، يحتاج من يعينهم ويقف معهم بمساعدات طارئة وطائلة، يعيشون في خيام، هي بالكاد هيكل خيمة، كونها مهترئة بالية، ناهيك عن النقص الحاد في الأغطية والألبسة الشتوية وغيرها من ظروف أقل ما توصف به أنها قاسية وخطيرة، ما يفرض ضرورة وجود تحرّك على مستوى دولي لإنقاذ غزة من كل ما تشهده من كوارث تفرضها حرب إسرائيل على القطاع التي تجاوزت العام.الدستور الأردنية