جاءَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للعُمرة قبل فتح مكة، فمنعَتْهُ قُريش من البيتِ الحرام، وبعد أخذٍ ورَدٍّ ومفاوضات، كان صُلح الحُديبية، وأرسلتْ قُريشُ سهيلَ بن عمرٍ سفيراً لها ليُوقِّع الصُلح نيابة عنها، وبعد الاتفاق على البنود، أمرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليَّ بن أبي طالب أن يكتبَ هذا الاتفاق ليتم التوقيع عليه. فكتبَ عليُّ بنودَ الاتفاق فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: لا نعرفُ هذا وإنما اُكتبْ باسمك اللهم، فأمرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم علياً أن يكتبَها هكذا. ثم أكملَ يقرأ هذا ما اتفقَ عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو.
فقال سهيل: لو نعلمُ أنكَ رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن اكتبْ محمد بن عبد الله!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لِعليٍّ: اِمحها يا علي واكتبْ محمد بن عبد الله
فقال عليُّ: واللهِ لا أمحوها أبداً يا رسول الله!
فطلبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من عليٍّ أن يَدُلَّهُ عليها لأنه لا يقرأ، فدلَّه عليها فمحاها بيده الشريفة، وتمَّ الصُلح!
وهذه الحادثة إنما تُسجَّلُ في مناقب عليٍّ ولا تُعَدُّ عصياناً لأمرِ النُّبُوة، وحاشا عليُّ أن يعصيَ أمرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنما هي الحرقة والغيرة على دين اللهِ!
ومثلُ هذا ما كان من أبي بكر يوم مرضَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأمر أبا بكر أن يُصلِّيَ بالناس، وحين دخلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المسجد عندما شعر بتحسُّن وشقَّ الصفوف ليصل للصف الأول، واستشعرَ به أبو بكر، تراجعَ ليترك الإمامة للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمره أن يثبتَ مكانه إماماً، فأبى وتراجع، ولمّا سأله بعدها: ما منعكَ أن تثبتَ إذ أمرتك؟
فقال: ما كان لابن أبي قحافة أن يُصلي بين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم!
وفي الحياة العامة، قد يطلبُ الأبُ من ابنه الجُلوس في المقعد الأمامي، فيرفض الابن ويُصرُّ أن يركب أبوه فيه، وهذا ليس من رفض أمر الأب، على العكس هو من البِر، فهذا رفضٌ نابعٌ من الحُب والتبجيل، والمعنى واضح جلي لا يحتاج إلى مزيد توضيح!
في اِمحها يا علي دروس عظيمة يجب على الأُمَّة أن تتعلَّمَها:
1. فيها التجاوز عن الأمور الصغيرة والشكليات لحساب المضمون!
2. عدم إضاعة الوقت في الجدال العقيم والاهتمام بالنتائج!
3. لا بأس بخسارةٍ لحظِيَّةٍ لأجل فوزٍ استراتيجيٍّ!
4. التراجعُ إلى الوراء قد يكون أحياناً ضرورياً للقفز بعيداً إلى الأمام!
5. التجاهلُ والتجاوزُ من شِيَمِ العُظماء وما أحوجَنا لثقافة التجاوز مع الأقرباء والأصدقاء قبل الأعداء!بقلم: أدهم شرقاوي
بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: لا نعرفُ هذا وإنما اُكتبْ باسمك اللهم، فأمرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم علياً أن يكتبَها هكذا. ثم أكملَ يقرأ هذا ما اتفقَ عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو.
فقال سهيل: لو نعلمُ أنكَ رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن اكتبْ محمد بن عبد الله!
فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لِعليٍّ: اِمحها يا علي واكتبْ محمد بن عبد الله
فقال عليُّ: واللهِ لا أمحوها أبداً يا رسول الله!
فطلبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من عليٍّ أن يَدُلَّهُ عليها لأنه لا يقرأ، فدلَّه عليها فمحاها بيده الشريفة، وتمَّ الصُلح!
وهذه الحادثة إنما تُسجَّلُ في مناقب عليٍّ ولا تُعَدُّ عصياناً لأمرِ النُّبُوة، وحاشا عليُّ أن يعصيَ أمرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنما هي الحرقة والغيرة على دين اللهِ!
ومثلُ هذا ما كان من أبي بكر يوم مرضَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأمر أبا بكر أن يُصلِّيَ بالناس، وحين دخلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المسجد عندما شعر بتحسُّن وشقَّ الصفوف ليصل للصف الأول، واستشعرَ به أبو بكر، تراجعَ ليترك الإمامة للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأمره أن يثبتَ مكانه إماماً، فأبى وتراجع، ولمّا سأله بعدها: ما منعكَ أن تثبتَ إذ أمرتك؟
فقال: ما كان لابن أبي قحافة أن يُصلي بين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم!
وفي الحياة العامة، قد يطلبُ الأبُ من ابنه الجُلوس في المقعد الأمامي، فيرفض الابن ويُصرُّ أن يركب أبوه فيه، وهذا ليس من رفض أمر الأب، على العكس هو من البِر، فهذا رفضٌ نابعٌ من الحُب والتبجيل، والمعنى واضح جلي لا يحتاج إلى مزيد توضيح!
في اِمحها يا علي دروس عظيمة يجب على الأُمَّة أن تتعلَّمَها:
1. فيها التجاوز عن الأمور الصغيرة والشكليات لحساب المضمون!
2. عدم إضاعة الوقت في الجدال العقيم والاهتمام بالنتائج!
3. لا بأس بخسارةٍ لحظِيَّةٍ لأجل فوزٍ استراتيجيٍّ!
4. التراجعُ إلى الوراء قد يكون أحياناً ضرورياً للقفز بعيداً إلى الأمام!
5. التجاهلُ والتجاوزُ من شِيَمِ العُظماء وما أحوجَنا لثقافة التجاوز مع الأقرباء والأصدقاء قبل الأعداء!بقلم: أدهم شرقاوي