تذكر الأخبار أنه ادعى النبوة بعد أن طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشركه معه فيها، كما أشرك سيدنا موسى أخيه هارون، وادعى كذباً أن الرسول قد أشركه في النبوة معه، وأشاع ذلك في العرب، وحتى يصدق كذبته، وتنطلي على الناس مزاعمه، أرسل رسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فيها: «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، ألا إني أوتيت الأمر معك، فلك نصف الأرض، ولي نصفها، ولكن قريشاً قومُ يظلمون»، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم برسالة: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتبع الهدى، أما بعد (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ من عباده والعاقبة للمتقين). وبعد وفاة النبي، ظهرت الكلاب وزاد النباح، وظهرت سجاح التي على شاكلة مسيلمة، فعلم وسمع مسيلمة الكذاب بها فعرض عليها التحالف في مواجهة المسلمين، اليوم كم مسيلمة الكذاب بيننا، الكذب مرض، يقضي على المقاومة في جسم الأمة، وفي عصرنا ينتشر الكذابون، ويتكاثرون، ويتزاحمون، لحصد المكاسب الدنيوية، من مناصب، ومسميات وكراسي، ومكافآت وظيفية، وربما صفقات، ومناقصات، وكله بالكذب، ساد الكذابون، فوسّدوا الأمانة، فأضاعوا البلاد والعباد والأمة، الموظف اليوم لا ترفعه شهادته، ولا كفاءته، ولا تلمعه خبرته، بل يصقله كذبه، ويرفعه «خريطه»، كم كذاب يعيش بيننا، وهدفه الثراء السريع، وحصد المكاسب الوظيفية، على حساب زملائه، ولو بالدعس عليهم، والتشكيك فيهم، والتنقيص منهم، والإضرار بهم، كم من كفاءات وضعت على الرف، وذهبت في زوايا النسيان؟ في زمن مسيلمة الكذاب كل شيء متوقع، وفي غياب المسؤول ماذا نقول، صارت الأصفار تتحكم بالكفاءة، وصار الكذاب سيد قومه، يسوقهم نحو التجويع، نحو المقصلة والتقطيع، هذا زمان الجبناء لا العلماء، الأذلاء لا الأوفياء، الكذابون لا الصادقون، هؤلاء هم سبب تردي الحال، وحال التبعثر والانهزام، جهلاء يدّعون المعرفة، وحمقى لا يرعون في أفراد الأمة إلاً ولا ذمة، خربوا البلاد، وأضاعوا الحقوق والعباد، ولا زالوا يدّعون كمسيلمة الكذاب أنهم رسل سلام، صادقون، يدعمون قضايا الأمة، ويهدفون إلى التسامح والسلام، لاستقرار المنطقة، وتحقيق الأحلام، وهم كاذبون!
وعلى الخير والمحبة نلتقي.