منذ السابع من أكتوبر 2023، وحكومة نتنياهو تسعى لتحييد جبهات المواجهة، خاصة جبهة الشمال، أي جنوب لبنان والتي كانت تشكل حالة فزع وقلق دائمين. ومنذ اليوم الأول أعلنت عن نفسها جبهة إسناد لغزة، وربطت مصيرها بمصير غزة في الحرب والسلم، وفي كل المفاوضات السابقة كانت تشترط وقف الحرب على غزة لوقف عملياتها شمال فلسطين، وطيلة الأشهر الماضية شكلت تلك الجبهة الداعم القوي والهام، وأربكت نتنياهو وحكومته وكان الرهان على أن جبهة الشمال تشكل الخطر الأكبر، وأن بوسعها تسديد ضربات أكبر حجمًالكن تغيرّا مفاجئا حدث، تمثل في ضرب قادة وعناصر الحزب من خلال أجهزة البيجر المفخخة، ومن ثم اغتيال السيد حسن نصر الله، وما تبع الحادثة من اغتيالات قضت على جملة من القيادات الرفيعة في الحزب.

وصول جنود الاحتلال إلى ضفة نهر الليطاني لم يكن متاحا في السابق، ولا حتى في أحلام جنرالات جيش الاحتلال، إلا بعد حوادث الاختراق التي حصلت داخل الحزب، فتراجعت قوته الداخلية وتماسكه، وتراجعت قدرته على الفعل في ساحة المواجهة، وفقد أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من عناصره بضربة واحدة، وأصبح الاحتلال ينفذ قصفه لتجمعات مدنية، فنزح مئات الآلاف من الناس، وبات الضغط الداخلي أكبر، وأرهق الداخل اللبناني المرهق أصلًاوليس بوسعه احتمال ضغط أكبر، وجاء الاتفاق على وقف الحرب كمسعى لدرء المزيد من القتل والخراب والدمار، وهذا أمر هام في ظل اللحظة الراهنة، حتى وإن كان لا يشمل غزة التي تنتظر تدخلا دوليَا عاجلا لوقف الحرب والإبادة فيها.

العالم اليوم وفي مقدمته أمريكا مطالب بتحقيق وقف فوري لحرب الإبادة في غزة، فمعاناة الناس وظروفهم وقسوة ما يعيشونه تتطلب تدخلا عاجلا، وأن لا تبقى الإرادة الدولية مرتهنة لحكومة نتنياهو التي لا تريد التهدئة في غزة والضفة والقدس.القدس الفلسطينية