مع الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني ولبنان، انبرى نتانياهو لتبرير موافقته عليه، تبريراً لفشله في تحقيق الهدف الذي أعلنه، لشنّ الحرب العدوانية على حزب الله، والقضاء عليه. ولأن توقيع الاتفاق يعني انتصار المقاومة عليه.. لهذا راح يعدّد أسباباً توهّم أنه حقق إنجازات. وكان أول تلك الأسباب الادّعاء بأنه، من خلال الاتفاق، فصل بين المقاومتين.

يمكن ملاحظة المنهج الذي يتبعه نتانياهو، منذ بدء هزيمته في عملية طوفان الأقصى.. وهو الاختباء وراء ما سيفعله وليس ما فعله وحققه. ثم يجد من يهاجمه، أو يقرأ ما سيحدث، بناء على ما سيفعل. وقد تجد من يتبرع في توقع ما سيفعل.

أما التجربة طوال أربعة عشر شهراً، فكانت انتقاله من فشل إلى فشل. ويعود في كل مرّة، يتحدث عما سيفعل، وما يُخطط له.

مثلا أين ذهب ما توّعد به عندما شنّ حربه على لبنان، من قضاء على حزب الله، وتغيير خرائط «الشرق الأوسط». وعندما فشل واضطر إلى التوقيع على وقف العدوان على لبنان، أخذ ينقل التهديد إلى مناطق أخرى.

راح يكبّر حجره من دون أن يراعي عجزه، وعجز جيشه، في ميزان القوى، عن تغيير خريطة واحدة ابتداءً من غزة.

من هنا فإن مراجعة سجل نتانياهو، من 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم، يجد فشله في كل ما أعلنه من أهداف ابتداء من القضاء على حماس، ومروراً بالقضاء على حزب الله، وانتهاء بتغيير خرائط «الشرق الأوسط». ناهيك عن ضرب إيران التي يعتبرها، رأس الخطر على الكيان الصهيوني.

ولكن يجب الاعتراف بـ «إنجاز» وحيد، هو ما ارتكب من إبادة للمدنيين، وتدمير شامل للعمار والمشافي في قطاع غزة، وجرائم اغتيال وقتل آمنين، وتدمير في لبنان.

بالتأكيد، هذا، بدوره، يشكل هزائم منكرة، لنتانياهو والكيان الصهيوني، أخلاقياً وسياسياً وإنسانياً وعالمياً.

وأخيراً عودٌ إلى ادّعاء نتانياهو، الفصل بين المقاومتين في لبنان وغزة، باعتباره وهماً من بين أوهام نتانياهو. ذلك لأن العلاقة بين المقاومتين، ليست من نمط الشراكة المصلحية في التجارة، أو الاستثمار الاقتصادي.

إن العلاقة بين المقاومتين، هي التقاء مبدئي واستراتيجي، وضعه كل طرف لنفسه، بمعزل عن الآخر، وواصله على طريق القدس وتحرير فلسطين. الأمر الذي جعله لقاء مبدئياً واستراتيجياً، ووحدة هدف لا يتزعزع.

ولهذا فإن هذه الوحدة قائمة موضوعياً، فضلاً عن قيامها في الوضع الذي تشكل بعد طوفان الأقصى، وما اتخذته أو ستتخذه من أشكال. وهذا ما أكدته قيادة المقاومة في قطاع غزة، من قيادة حماس، ورسالة الأستاذ زياد نخالة، أمين عام حركة الجهاد، كما كل قيادات المقاومة.عربي 21