اللبنانيون أمضوا سنوات طويلة مع الضجيج والقيل والقال ودفعوا أغلى الأثمان مع الغوغاء والفوضى والخفة في الفهم والتعبير على حد سواء، ومنذ سنوات طويلة لم يسمع اللبنانيون خطابا يوضح كيف قوضت كل أسباب الانتظام العام، ولا كيف تجاهلنا العنف والاغتيالات، ولا كيف أقفلت البنوك ذات مساء وتلاشت المدخرات.

تابعنا خطاب دولة الرئيس نبيه بري وكيف كانت لغة الجسد لدى دولته شديدة الوضوح في التعبير عن القلق من تداعيات اللحظة الوطنية شديدة الدقة والخطورة، وأن وقف إطلاق النار يعني بداية الخطر السياسي الشديد على لبنان المفكك نتيجة الأحقاد والأنانيات والأوهام، وكان القلق بالغ الوضوح على ملامح الرئيس نبيه بري المنهك والحزين وكانت ملامحه أكثر بلاغة من النص الذي قرأه أمام عموم الناس.

خطاب الرئيس بري كان عميق الإحساس بالمسؤولية الوطنية وإدراك المخاطر والمكائد التي تنتظر كل الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات، بعد أن أصبح الانفصال عن الواقع هو الجامع الوطني الوحيد في لبنان، وجلسة مجلس النواب بعد وقف إطلاق النار فشلت في التعبير عما يشعر به عموم الناس، بعد أشهر من القتل والضياع والدمار والعبث بالقيم والثوابت والبديهيات.

خطاب الرئيس بري في إعلان وقف إطلاق النار حقيقي من حيث إدراك المخاطر والأوجاع والمتاهات، وكل جملة كانت تقول أريد أن أكون أكثر وضوحا وبلاغة في التعبير عن الخوف الكبير على كل أبناء لبنان، لكن الصياغة كانت أقل مما شاهده اللبنانيون وما سيشاهدونه في قادم الأيام بقيادة نخبة من الذين يعتقدون أنهم من سلالات الأباطرة العظام وأنهم يتكرمون على العوام البسطاء بشيء من الاهتمام.اللواء اللبنانية