محمد هنيد
أستاذ مشارك
بجامعة السوربونالثابت أنّ القضية الفلسطينية تمثل أهم القضايا السياسية والوجدانية في المنطقة العربية وهي أهمية لا تقتصر على البعد الإقليمي بل تتجاوزه إلى البعد الإسلامي الأوسع. فلسطين هي قضية الأرض المحتلة وهي كذلك قضية المقدسات إذ تؤوي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. لكنّ هذا الإجماع الفردي والشعبي على عدالة القضية ومناصرتها لم يمنع تشتت اللآراء والمواقف وتباينها من مسألة المقاومة والتحرر سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي. وحّد الصراع العربي الصهيوني بين مختلف التيارات السياسية والفكرية العربية كما كان عنصرا دافعا لتشكل نواة المقاومة العربية في مختلف الحروب التي خاضتها ضدّ قوات الاحتلال قبل 1967. لكن بعد دخول الأنظمة العربية على خط المواجهة مع الاحتلال تغيرت المعطيات وانقلبت موازين القوى ونجحت العصابات الصهيونية أن تفرض الأمر الواقع على أمة بأسرها من المحيط إلى الخليج. لقد كان للنظام الرسمي العربي دور أساسي في حماية الكيان المحتل سواء بالطرق المباشرة أو غير المباشرة عبر الهزائم المتتالية وعبر الاتفاقيات السرية والعلنية وصولا إلى التطبيع المكشوف اليوم. لم تكن تحولات القضية الفلسطينية لصالح الأمة ولصالح القضية نفسها منذ أن تسلّم النظام الرسمي ممثلا في جامعة الدول العربية زمام المبادرة ومنذ أن فهمت الحركة الصهيونية أهمية المحافظة على هذا النظام كما هو دون أيّ تغيير. إنّ بقاء الأنظمة العربية في حالة الضعف والهوان والتشرذم والحرب المفتوحة بين الأقطار كان السبب الأساسي وراء تمدد السرطان الاستيطاني. أما اليوم فإن الهرولة المكشوفة نحو التطبيع ليست في الحقيقة سوى طور جديد من أطوار التفريط في قضية العرب المركزية مقابل البقاء في السلطة. وهو الطور الذي لا يمكن قراءته وتبيّن أعماقه دون وضع التطبيع الإماراتي في سياق الانقلاب على الثورات. لقد كان الربيع العربي مهددا للبقاء الناظم الرسمي بعد أن نجحت ثورات الشعوب في إسقاط مجموعة من أعتى الأنظمة الاستبدادية في وقت قياسي. وهو الأمر الذي كان يهدد بسقوط هذا النظام الذي وُضعت أسسه الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى قبله عبر تأسيس منظومة سايكس بيكو الاستعمارية. هذا الخوف من سقوط النظام وسقوط الأنظمة الحارسة له هو الذي يفسر الهجمة الشرسة على الثورات والانقلابات التي دُبّرت ضدّها من جهة أولى وهو يُفسر من جهة ثانية الهرولة السريعة والمجانية نحو التطبيع الذي لن يربح منه الأمن القومي العربية ولا المنطقة العربية شيئا بل هو علامة الانحدار الكبير والسقوط الأخير.
أستاذ مشارك
بجامعة السوربونالثابت أنّ القضية الفلسطينية تمثل أهم القضايا السياسية والوجدانية في المنطقة العربية وهي أهمية لا تقتصر على البعد الإقليمي بل تتجاوزه إلى البعد الإسلامي الأوسع. فلسطين هي قضية الأرض المحتلة وهي كذلك قضية المقدسات إذ تؤوي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. لكنّ هذا الإجماع الفردي والشعبي على عدالة القضية ومناصرتها لم يمنع تشتت اللآراء والمواقف وتباينها من مسألة المقاومة والتحرر سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي. وحّد الصراع العربي الصهيوني بين مختلف التيارات السياسية والفكرية العربية كما كان عنصرا دافعا لتشكل نواة المقاومة العربية في مختلف الحروب التي خاضتها ضدّ قوات الاحتلال قبل 1967. لكن بعد دخول الأنظمة العربية على خط المواجهة مع الاحتلال تغيرت المعطيات وانقلبت موازين القوى ونجحت العصابات الصهيونية أن تفرض الأمر الواقع على أمة بأسرها من المحيط إلى الخليج. لقد كان للنظام الرسمي العربي دور أساسي في حماية الكيان المحتل سواء بالطرق المباشرة أو غير المباشرة عبر الهزائم المتتالية وعبر الاتفاقيات السرية والعلنية وصولا إلى التطبيع المكشوف اليوم. لم تكن تحولات القضية الفلسطينية لصالح الأمة ولصالح القضية نفسها منذ أن تسلّم النظام الرسمي ممثلا في جامعة الدول العربية زمام المبادرة ومنذ أن فهمت الحركة الصهيونية أهمية المحافظة على هذا النظام كما هو دون أيّ تغيير. إنّ بقاء الأنظمة العربية في حالة الضعف والهوان والتشرذم والحرب المفتوحة بين الأقطار كان السبب الأساسي وراء تمدد السرطان الاستيطاني. أما اليوم فإن الهرولة المكشوفة نحو التطبيع ليست في الحقيقة سوى طور جديد من أطوار التفريط في قضية العرب المركزية مقابل البقاء في السلطة. وهو الطور الذي لا يمكن قراءته وتبيّن أعماقه دون وضع التطبيع الإماراتي في سياق الانقلاب على الثورات. لقد كان الربيع العربي مهددا للبقاء الناظم الرسمي بعد أن نجحت ثورات الشعوب في إسقاط مجموعة من أعتى الأنظمة الاستبدادية في وقت قياسي. وهو الأمر الذي كان يهدد بسقوط هذا النظام الذي وُضعت أسسه الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى قبله عبر تأسيس منظومة سايكس بيكو الاستعمارية. هذا الخوف من سقوط النظام وسقوط الأنظمة الحارسة له هو الذي يفسر الهجمة الشرسة على الثورات والانقلابات التي دُبّرت ضدّها من جهة أولى وهو يُفسر من جهة ثانية الهرولة السريعة والمجانية نحو التطبيع الذي لن يربح منه الأمن القومي العربية ولا المنطقة العربية شيئا بل هو علامة الانحدار الكبير والسقوط الأخير.