+ A
A -
كان عبد اللهِ بن عبد نهم المزني يتوقُ إلى الإسلام ولكنَّ قومه ضيَّقوا عليه ومنعوه، ولما علموا إصراره أخذوا منه كل شيءٍ إلا بجادٍ/ كساء غليظ عليه ليضمنوا بقاءه عندهم، ولكن هذا لم يمنعه ممَّا يتوقُ له قلبه، فغافلَهم وخرجَ ليس عليه إلا بجاده، فلما اقتربَ من المدينة شقَّ بجاده فجعلَه قطعتين كملابس الإحرام، فاتَّزرَ بواحدة وارتدى الأخرى، ودخلَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُعلِناً إسلامه، ولُقِّبَ منذ تلك اللحظة بذي البجادين!
وجاءتْ غزوة تبوك، وخرجَ ذو البجادين مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أبعدِ وأصعبِ غزواته، وبقية القصة يرويها لنا عبد الله بن مسعود قال:
قمتُ في جوف الليل في غزوة تبوك، فرأيتُ شعلةً من نارٍ في ناحية العسكر، فذهبتُ أنظُرُ ما الخبر، فإذا ذو البجادين قد مات، وإذا هم قد حفروا له قبره، ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حُفرته، وأبو بكر وعمر يُناولانه إياه ليضعه في قبره وهو يقول: أَدْنِيا إلىَّ أخاكما!
فلما وضعَه في قبره بيديه الشَّريفتين قال: اللهمَّ إني أمسيتُ راضياً عنه، فارضَ عنه!
عندها قال ابن مسعود في نفسه: يا ليتني كنتُ صاحب الحُفرة!
من صَدَقَ مع اللهِ أبلَغَهُ الله مُراده! هذا قانونٌ سَنَّه ربُّ العزةِ يوم خلق السماوات والأرض لا يتغيَّر ولا يتبدَّل حتى قيام السَّاعة!
خرجَ ذو البجادين تاركاً الدنيا كلها وراءه لا يُريدُ إلا الله ورسوله، فكانت مُكافاة نهاية الخدمة على قدر النية! النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضعُهُ في قبره بيديه ويُغلِقُ ملفَّ قضيته بشهادة ودعاء: اللهم إني أمسيتُ راضياً عنه، فارضَ عنه!
وأبو بكر وعمر هما اللذان ناولاه للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي مكافأة هذه يا ذا البجادين أن تكون آخر الأيدي التي تلمسك في الدنيا أيدي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بمر وعمر؟!
الطريقُ إلى الله صعبٌ وشاقٌ وطويل، ليس المهم أن تصل، المهم أن تموت على الطريق، فهذا بحدِّ ذاتِهِ وصول!
لن تُسأَلَ عن عمومِ المُسلمين وإنما ستُسأل عن نفسِكَ، عن عبادتِكَ، عن ورعِكَ وتقواكَ، عن صدقاتِكَ، وأخلاقِكَ ومعاملاتِكَ، عن بيتِكَ، عن بناتِكَ وحجابِهن، وعن أولادِكِ وصلاتِهم، هذه هي قضيتك، وهذه هي طريقك، وإنَّ من عاشَ على شيءٍ ماتَ عليه!بقلم: أدهم شرقاوي
وجاءتْ غزوة تبوك، وخرجَ ذو البجادين مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أبعدِ وأصعبِ غزواته، وبقية القصة يرويها لنا عبد الله بن مسعود قال:
قمتُ في جوف الليل في غزوة تبوك، فرأيتُ شعلةً من نارٍ في ناحية العسكر، فذهبتُ أنظُرُ ما الخبر، فإذا ذو البجادين قد مات، وإذا هم قد حفروا له قبره، ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حُفرته، وأبو بكر وعمر يُناولانه إياه ليضعه في قبره وهو يقول: أَدْنِيا إلىَّ أخاكما!
فلما وضعَه في قبره بيديه الشَّريفتين قال: اللهمَّ إني أمسيتُ راضياً عنه، فارضَ عنه!
عندها قال ابن مسعود في نفسه: يا ليتني كنتُ صاحب الحُفرة!
من صَدَقَ مع اللهِ أبلَغَهُ الله مُراده! هذا قانونٌ سَنَّه ربُّ العزةِ يوم خلق السماوات والأرض لا يتغيَّر ولا يتبدَّل حتى قيام السَّاعة!
خرجَ ذو البجادين تاركاً الدنيا كلها وراءه لا يُريدُ إلا الله ورسوله، فكانت مُكافاة نهاية الخدمة على قدر النية! النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضعُهُ في قبره بيديه ويُغلِقُ ملفَّ قضيته بشهادة ودعاء: اللهم إني أمسيتُ راضياً عنه، فارضَ عنه!
وأبو بكر وعمر هما اللذان ناولاه للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي مكافأة هذه يا ذا البجادين أن تكون آخر الأيدي التي تلمسك في الدنيا أيدي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بمر وعمر؟!
الطريقُ إلى الله صعبٌ وشاقٌ وطويل، ليس المهم أن تصل، المهم أن تموت على الطريق، فهذا بحدِّ ذاتِهِ وصول!
لن تُسأَلَ عن عمومِ المُسلمين وإنما ستُسأل عن نفسِكَ، عن عبادتِكَ، عن ورعِكَ وتقواكَ، عن صدقاتِكَ، وأخلاقِكَ ومعاملاتِكَ، عن بيتِكَ، عن بناتِكَ وحجابِهن، وعن أولادِكِ وصلاتِهم، هذه هي قضيتك، وهذه هي طريقك، وإنَّ من عاشَ على شيءٍ ماتَ عليه!بقلم: أدهم شرقاوي