سيظل الجدل قائما لبعض الوقت بشأن تقييم الاتفاق الأخير، إن كان في «الكيان» أم في لبنان، وفي المجاليْن هناك من يتطرّف ذات اليمين وذات الشمال.
من متابعة لردود الفعل في الكيان، من الساسة والإعلاميين، يمكن القول إنهم يتراوحون بين من يتحدث عن هزيمة، ومن يعتبر ما جرى انتصارا باهرا، وبين من يقرأ الأمر بقدر متباين من الوسطية بين الطرفين.
السبب الأهم هنا هو ارتفاع سقوف نتانياهو في الوعود والتهديدات.
من زاوية الأهداف العادية، يمكن القول إنها تحقّقت (فصل الجبهة عن غزة، وإعادة مستوطني الشمال، ودفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني)، بجانب ضرب نسبة غير معلومة من قدرات الحزب العسكرية والقيادية (يرفعها بعض فرقاء العدو إلى 70 %، ويهبط الرقم، بحسب المتحدّث ووجهته)، لكن ما تبقى من روايات عن سحق الحزب، ومنع تسلّحه من جديد هو ضرب من الأوهام، لأن الأخير تحديدا قد سبق أن قيل بعد حرب تموز 2006، وتم تضمينه في قرار 1701، لكنه لم يحدث، وأعاد الحزب بناء قدراته.
لا شك أن المرحلة تبدو مختلفة، لكن الاختلاف ليس كبيرا، وإن اعتمدت المقارنة على مصير التهديدات الصهيونية لسند الحزب في طهران، وما إذا كانت ستُصيبه بقوة أو تغيّر مساره، أم ستُبقيه على حاله أو قريبا من ذلك.
ما يجب أن لا يُنسى هنا هو أن تفوّق العدو لم يبرز سوى في سطوة الطيران، بينما بقي عاجزا عن تحقيق شيء عملي على الأرض، وما قبوله بالاتفاق سوى دليل على خوفه من الاستنزاف، لا سيما أن جيشه قد عانى الأمرّين في قطاع غزة وما يزال، وهو ما طرح معضلة تجنيد الحريديم بقوة في الجدل الداخلي.
على الجانب الآخر (اللبناني) تابعنا الجدل وسنتابع الكثير منه في الأيام القادمة، بين فريق رأى فيما جرى هزيمة للحزب ينبغي أن تُعيد ترتيب وضعه في الداخل، من مُتحكّم عملي بـ «الدولة»، وطبعا بقوة السلاح، إلى حزب سياسي فقط، وهو ذاته الفريق الذي يحمّل الحزب مسؤولية الدمار والتهجير والمعاناة، وبين فريق آخر مؤيّد للحزب يرى أن انتصارا قد تحقّق بالصمود واستنزاف العدو، وإفشال مخططه بسحق القدرات والخيارات.